العدد 2837
الخميس 21 يوليو 2016
banner
لا تبخسوا العمّال حقهم
الخميس 21 يوليو 2016

لا يكفي أن نتغنىّ ليلا ونهارا بدور العمّال وأن نشيد بعطائهم لإثبات وفائنا وتقديرنا لهذه الفئة من البشر ونحن على صعيد الواقع نحرمهم من أبسط واجباتهم. كما أنه لا يكفي ان نقيم الاحتفالات لنتذكر جهودهم وتضحياتهم وتعطيل المؤسسات والشركات ونخصص لهم عيدا سنويا نتذكر فيه اهمية هذا الانسان لنستحق شرف الانتماء لإنسانيتنا ونحن نبخسهم حقوقهم المتمثلة في رواتبهم.
من جديد يتعرض عمال إحدى المؤسسات إلى ظلم لا مثيل له بحرمانهم من أجورهم مما يعني حرمانهم من موارد عيشهم. وأيّا كانت المبررات والدوافع التي يقف خلفها أرباب الأعمال والمؤسسات فإنها لا تبيح لهم ممارسة مثل هذا الظلم الفادح بحق هؤلاء البشر. كأنّ اصحاب المؤسسات الممتنعة عن ايفاء العمال أجورهم يتفضلون عليهم متناسين انّه حقٌ مكفول طبقا للقانون ونظير جهد يؤدونه، ومتناسين في ذات الوقت المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية تجاه هذه الفئة من الناس.
 مما ورد في الأثر عن رسولنا الأكرم محمد (ص) أنه قال: “ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجلٌ أعطى بي ثم غدر ورجلٌ باع حرا ثم أكل ثمنه ورجلٌ استأجر اجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره”. هل نحن بحاجة الى التذكير بالظروف النفسية القاسية الناجمة عن تعطيل الرواتب لفترات تمتد الى اشهر على هذا الانسان؟ انها معاناة بالغة تقض مضاجعهم آناء الليل وأطراف النهار. ومما يضاعف حجم المأساة أنّ الراتب بالنسبة لهؤلاء العمال مصدر الدخل الرئيس والأدهى بدرجة أشد أنّ المعاناة لا تتوقف عليهم كأفراد بل لأسرهم أيضاً، إنّهم في سبيل توفير لقمة العيش يعرضون انفسهم للخطر في ظل ظروف بالغة القسوة من درجة حرارة منهكة مقابل عائد مادي محدود ربما في اغلب الاحيان لا يتناسب وحجم ما يبذل من مجهود.
ربما الذي هو غير متخيل لدى البعض منا أنّ الكثير من العمال وفي اغلب الاحيان يقعون تحت صور من الاستعباد والإذلال بل حتى المتاجرة بحقوقهم من قبل أرباب العمل، رغم أن قوانين العمل صريحة وجلية باحترام حق العامل الا انّ هناك من يحلو له الالتفاف على القانون. وكمثال فقط ودليل لما أشرنا اليه هل خطر بمخيلة احدنا انّ يتجرأ كفيل بالاعتداء الجسدي على العامل المسكين؟ هذا ما يؤكده لنا البعض ممن شاهد بأمّ عينيه موقفا يتنافى مع الانسانية لأحد اصحاب الاعمال وهو ينهال بالضرب على احد العمال البائسين! إنّ مثل هذا التصرف مرفوض ومستهجن مهما كانت الدوافع وأيا كانت الأسباب التي يتذرع بها من اقدم على هذا الفعل الشائن واللاأخلاقي!
ما سبقت الإشارة اليه من أفعال مستنكرة ووحشية ربما ليست الوحيدة في مجالها بل ثمة ممارسات أخرى لا تقل سوءا واستهتارا بقيمة الإنسان ممن ينتمي للجنس الآدميّ، ففي مثل هذه الأجواء الملتهبة من حر لا يطاق لعل بعضنا شاهد عمالا ينقلون في سيارات مكشوفة تحت وهج الشمس، قد يرد البعض انّ الظاهرة آخذة في الانحسار في السنوات الاخيرة نتيجة الاجراءات المشددة من قبل وزارة العمل وهذا صحيح الاّ انّ الظاهرة لم تختف بشكل نهائيّ حتى اليوم.
 الذي نتمناه مخلصين ان تتوقف ظاهرة حرمان العامل من أجره لا بوصفه حقا لا يمارى فيه بل لأنه يمثل انتهاكا لإنسانية هذا الكائن. أمّا الزعم انّ المؤسسة أو الشركة تتعرض لخسائر مادية وهو المبرر الذي يشهره دائما اصحاب الشركات فهذا لم يعد مقبولا وليس منطقيا على الاطلاق. باختصار أعيدوا لهذا الانسان حقوقه وكرامته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية