العدد 2856
الثلاثاء 09 أغسطس 2016
banner
بناء المساجد ومشاريع حيوية أخرى
الثلاثاء 09 أغسطس 2016

تابعت كغيري من القراء عبر صحافتنا المحلية الخبر المتعلق بأعداد المساجد والمآتم في مملكتنا الغالية، وأنا على يقين بأن الكثير من المواطنين شعروا بالذهول من وجود هذا الكّم الهائل من دور العبادة في البحرين، إذ تُشير الإحصائيات إلى وجود ما يقارب من 753 مسجداً و619 مأتماً ولا اعتراض على ذلك.
ولكن يبقى السؤال الذي أتمنى أن لا يُساء تفسيره، هل نحن بالفعل بحاجّة ماسّة إلى هذه الأعداد المهولة من دور العبادّة؟ لكم أن تتخيلوا أيّها الأعزاء وجود 342 مسجداً في المحافظة الشمالية وحدها بينما يوجد حوالي 333 في العاصمة و44 مسجداً في محافظّة المحرق في حين تضم المحافظّة الجنوبية 33 مسجداً. أما بالنسبة للمآتم فتضم محافظّة العاصمة وحدها ما مجموعه 309 مآتم بينما يقع 211 مأتماً في الشمالية و71 في المحرق في حين تضم الجنوبيّة 31 مأتماً.
أرجو أن لا ينبري أحد ليفسر دهشتي وسؤالي المطروح هنا على أنه اعتراض على تديّن هذا المجتمع، أو أنني أحارب انتشار دور العبادّة أو غير ذلك من التفسيرات غير المنطقية.
أعلم تمام العلم بوجود الكثير من الميسورين من أبناء المجتمع الذين يلجأون لتشييد المساجد والمآتم طمعاً في الثواب لأشخاصهم أو لأقارب متوفين أعزاء عليهم، ولا بأس في ذلك، غير أنني أوّد في الحقيقة أن أطرح اقتراحاً هنا ربما يكون أكثر تأثيراً ونفعاً للمجتمع وخصّوصا مع وجود العدد الكافي من دور العبادّة في البحرين.
ربما يكون من الجيّد أن يقوم الأشخاص الراغبون في بناء دور العبادّة بتخصيص أموالهم وتبرعاتهم لدعم قائمة طويلة من الأعمال الخيرية والإنسانيّة التي تخدم شرائح مهمّة ومحتاجّة في المجتمع، ومن هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر مشاريع دعم المكفوفين، وبرامج ذوي الاحتياجات الخاصة، تشييد الحدائق وإقامة الاستراحات وترميم البيوت الآيلة للسقوط والقائمة تطول، وجميعها مشاريع حيويّة ستجد صداها الجيّد بين أوساط المجتمع بل وستجد الترحيب من المسؤولين كذلك.
مرة أخرى، أتمنى من كل قلبي أن لا يُنظر لاقتراحي هذا من منظور آخر، أو يتم تفسيره على أنه من باب محاربة الدين أو دور العبادة، فالأمر على النقيض تماماً، فديننا الإسلامي كما يدعونا لتعمير بيوت الله، فقد حثّنا كذلك على عمل الخير عبر جميع الطرق والأساليب، وأنا على يقين بل وكلّي ثقة بأن رسالتي هذه ستصل إلى المعنيين من مواطنين ومسؤولين لتؤخذ بطريقة إيجابية بعيدة كل البعد عن أية تحفظات أو حساسيات. قال الله تعالى (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
نحتاج فقط أن نكون أكثر جديّة في مبادراتنا وأعمالنا وأن نفكر خارج الصندوق، وحينها فقط سنجد كمّاً هائلاً من الأفكار المجديّة والقابلّة للتطبيق والمفيدة للمجتمع، وكما أكرر في مقالاتي فإن الأفكار الخلاقة ستجد طريقها إلى النور إذا ما كنا جادين في الطرح، فالمهم هنا أن تلتزم جميع الأطراف بطريقة تفكير إيجابية بعيدة عن الأنانية والمصالح الشخصية، وعندها فقط سوف نضمن النتائج الإيجابية التي ستنعكس على المصلحّة العامة لجميع مواطني هذه الأرض الطيبة. والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية