العدد 2857
الأربعاء 10 أغسطس 2016
banner
الحج عبادة أم تجارة!
الأربعاء 10 أغسطس 2016

يحرص المسلمون على أداء فريضة الحج امتثالا لقوله تعالى “فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا  وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ» (آل عمران 97). والحج من أجلّ العبادات. ومصداق هذا ما روي عن رسولنا الأكرم محمد بن عبدالله (ص) عندما سئل «أي الأعمال أفضل؟ قال إيمانٌ بالله ورسوله، قيل ثم ماذا؟ قال: جهادٌ في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال: حجٌ مبرور» أي الحج الذّي لا يخالطه إثم. أما الاستطاعة فإنّها طبقا لما جاء في تفسير الآية الكريمة أنّ من يجب عليهم الحج القادرين. وفي هذا المقام: السبيل كل ما يتحقق من معنى الاستطاعة البدنية والمالية والأمنية وفي تفسير آخر على قدر الطاقة.
 الراغبون في قضاء هذه الشعيرة العظيمة يصطدمون بالتكاليف المرتفعة عاما بعد آخر، إذ في ظل ارتفاع الأسعار الحالية وطبقا لما أعلنه أصحاب الحملات فإنها تراوحت بين 1800 دينار و2000 دينار بحريني. تبدو المهمة أمام البعض صعبة ومستحيلة أمام الآخرين. فالكثيرون باتوا مترددين إذ لم يعد باستطاعتهم توفير المبلغ. وقراءة متأنية لأوضاع الغالبية من الأسر تؤكد أنّ ميزانياتها لا تتحمل، بالنظر إلى ما يقع على كاهلها من أعباء ونفقات. وموسم الحج لهذا العام يتزامن مع مناسبة أخرى هي فتح أبواب المدارس، مع ما تتطلبه من أعباء ليس بوسع كل الأسر تأجيلها، ناهيك عما يكتوون به من شظف العيش وظروف اقتصادية وأزمات مالية على مختلف الأصعدة.
السؤال هنا لماذا يترك الخيار لأصحاب الحملات لتحديد تكاليف الحج؟ وأين دور وزارة العدل في هذا المجال؟ الذي نعنيه بدور وزارة العدل في وضع شروط محددة يتم على ضوئها تحديد أسعار الحج. ليس من المعقول ولا المنطقي ترك الباب مفتوحا لأصحاب الحملات ليقرروا ما يشاءون من هامش الربح الى حد ناهز - كما تم تقديره - خمسين ألف دينار بحرينيّ في كل عام وهو مبلغ خيالي بكل المقاييس.
هناك من يشير الى انّ اساس المعضلة هو غلاء الأسعار في مكة المكرمة اذ بلغت حدا يفوق التصوّر، وطبقا لأحدهم فإنّ إيجار مبنى في مكة المكرمة بلغ مليون ريال، أما في منى وعرفة وبالأخص أجر الخيام بأسعار خيالية للمتر المربع وإزاء هذا الوضع لم يكن امام اصحاب الحملات الا الاندماج لتقليل النفقات أو رفع تكلفة الحج الى هذا الحد المبالغ فيه جدا.
في ظلّ هذا الوضع لجأ بعض من راغبي اداء منسك الحج من ذوي الدخل المحدود الى تسديد المبلغ بالأقساط وهو الخيار الأوحد المتاح امامهم في  غياب الخيارات الأخرى. لعل ما يضاعف من حجم المعضلة انّ السنوات القادمة ستشهد المزيد من ارتفاع الأسعار. وهذا دفع البعض ممن لم تسعفهم إمكاناتهم لتأدية الشعيرة الى هذا العام.
يتبقى القول إنّ موسما عظيما كالحج لا يجب أن يتحول الى موسم للتكسب او التربح على حساب فئة اقصى ما تطمح اليه اداء منسك الحج وفق امكاناتها وحسب طاقتها. الذي نتمناه ان تكون للجهات المناطة بها شؤون الحج دراسة اوضاع الراغبين وفي المقدمة إمكاناتهم المادية حتى لو تطلّب الأمر تخصيص مساعدة للمستحقين، لا الوقوف متفرجين وكأنّ القضية لا تعنيهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .