الحديث الذي أدلت به رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار أشبه بنداء استغاثة بأن أنقذوا الثقافة من وضعها البائس. ذلك أنّ وضع الثقافة طبقا لما أكدته مشابه الى حد كبير رواية “السجينة” التي تروي قصة مليكة التي حفرت نفقا للهروب من السجن بالأدوات البدائية كالملاعق وأغطية علب السردين. تضمن الحديث العديد من القضايا التي تدور في أغلبها حول الأدوار التي تنهض بها الثقافة. ولسنا نختلف في أنّ احد أدوارها بل أهمها على الاطلاق الدفاع عن الهوية ومن هنا فإنه كان يجب دعم الثقافة وإتاحة الفرص أمامها لتأدية دورها كاملا. والوزارة وضعت ضمن خطتها “حماية الهوية الثقافية وإثراءها وتحديثها وجعلها مواكبة للعصر إلى جانب ترسيخ الولاء والانتماء الوطنيّ”.
على مدى السنوات الفائتة شهدنا حضورا ثقافيا متنوعا تمثل في فعاليات عدة اطلقتها وزارة الثقافة. وبصرف النظر عن تقييمنا لمستوى ما قدم منها الا انّ حضورها كان لافتا الى حد كبير. غير أنّ هناك تحديات تقف عائقا أمام المشتغلين في هيئة الثقافة والآثار تتمثل في غياب الدعم المالي للفعاليات والأنشطة. ولعلّ الذي يخطر في البال جرّاء انخفاض الدعم المالي أو ضآلة ما يمنح لقطاع الثقافة الظروف الاقتصادية الصعبة التي هي ليست خافية على أحد والتي طالت كل الجهات وبالأخص المتعلقة بعيش المواطن. ومن هنا وفي ظلّ خفض الميزانية المعتمدة لقطاع الثقافة فإننا كنّا نتمنى من القائمين على إدارة شؤون الثقافة التفكير في تمويل مشروعاتهم من القطاع الخاص. ولدى العاملين في الثقافة رصيد من الخبرة يدفعهم الى هذا التوجه.
إنّ النظر إلى المنجزات الثقافية التي تحققت على مدى الأعوام الماضية يبرهن بما لا يدع مجالا للشك انّ هناك العديد من الفعاليات البارزة التي اشاعت حراكا ثقافيا لا تخطئه عين المتابع. لكن في الوقت ذاته كان المؤمل إشراك المثقف البحريني بشكل أكبر في تلك الفعاليات فالإنسان البحريني أثبت جدارته وتميزه في المهرجانات الاقليمية والعربية. نعتقد انّ اشراك المثقف البحريني في المناسبات التي تقيمها هيئة الثقافة يسهم في تنمية الإبداع ويفتح الآفاق أمام اصحاب المواهب للانطلاق وتعميق حضورهم.
وبالعودة الى الاستراتيجية الثقافية للمملكة فإنّها تنص على دعم دور الثقافة بل تضع الخطط المتوسطة المدى وتستخدم كل الوسائل للنهوض بالثقافة الوطنية، ودعم البرامج والمؤسسات الثقافية والفنية التي تسهم في بناء المجتمع والثقافة.