العدد 2877
الثلاثاء 30 أغسطس 2016
banner
لا لتقاعد البرلمانيين
الثلاثاء 30 أغسطس 2016

ليس جديدا القول إنّ المجلس النيابيّ بات عاجزا عن تقديم أي استجواب. وإذا كان البعض يعلل هذا الفشل في ممارسة هذا الاستحقاق البرلماني إلى اللائحة الداخلية إلاّ أنّ متابع تعطيل هذه الأداة البرلمانية يجد أنّ الأسباب تعود إلى الأعضاء انفسهم. بالطبع لا نطلق القول جزافا فقبل ثلاثة أعوام اتفقت إحدى الكتل النيابية (المستقلون) على تقديم استجواب لأحد الوزراء، وكان تخوف الأعضاء أن تعترض إحدى الكتل النيابية على الاستجواب، لذا فإنّ الضمانة لنجاحه تتمثل في التنسيق بين الكتل وهذا غالبا لا يتحقق.
صحيح أنّ الآلية التي تحكم عمل المجلس وغياب التنسيق أهم عاملين يفضيان إلى فشل النواب في مساءلة أية جهة، بيد أنّ تمسك كل كتلة نيابية بقناعاتها وما تلجأ إليه من أساليب المماطلة هو في رأينا ما يؤدي إلى سقوط أي مشروع باتجاه الاستجواب. ولو أنّك بحثت عن المبررات التي يقف خلفها المعترضون لكانت “عدم وجاهة المساءلة”، هكذا تطلق العبارة دون أن تسندها حجج منطقية وهكذا يلقى الاستجواب الفشل الذريع! أليس من المخجل أن لا يشهد المجلس النيابيّ استجوابا واحدا بحق أية جهة توفرت الأدلة حولها؟
ليست المسألة في سقوط الاستجواب وحده بل الأشدّ مرارة الآثار التي تقع على المواطن، إنّها مأساوية إلى أبعد الحدود ذلك أنّ صورة المجلس في مخيلته باتت مهزوزة ومفككة بل انّ الأعضاء اصبحوا – في نظر المواطن - عاجزين عن ممارسة أبسط حق دستوري في أيديهم.
بالطبع الأعضاء يتحملون المسؤولية بتخبطهم وارتجالهم وعدم جديتهم في التعاطي مع القضايا المطروحة أمامهم، ولعلّ المتابع للجلسات النيابية يكتشف دون عناء أنّ بعض البرلمانيين يتوعدون أحد أعضاء السلطة التنفيذية في لحظة غضب باستجوابه ويظنّ المواطن أنّ ايام المسؤول باتت معدودة، غير أنّ الواقع نقيض تماما لما تصوره، إذ سرعان ما يسحب النائب التهديد تحت ذريعة أنّ الكتلة التي ينتمي اليها غير معنية بتهديد النائب، وبهذه البساطة يتم استغفال المواطن وكأنّ الذّي يدور تحت قبة البرلمان “لعب أطفال”! ولا يملك المواطن إلاّ أن يندب حظه العاثر.
فشل المجلس النيابيّ لم يعد متوقفا على الاستجواب وحده بل إنّ الظاهرة هو أنّ فعلا واحدا لم يعد متحققا ولم يلمس المواطن مشروعا يخفف عنه الأعباء. ومن هنا فإننيّ أتفق مع مقترح النائب عبدالرحمن بوعلي الهادف الى إلغاء المعاشات التقاعدية والاكتفاء بمكافأة مالية بعد انتهاء خدمة النواب. المقترح واقعيّ لعدة أسباب، لأنه ليس منطقيا أن يتقاضى النائب نصف الراتب مقابل أربع سنوات فقط قياسا بخمسة وثلاثين سنة يقضيها أي موظف في الهيئات الرسمية وغيرها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية