كانت لي تجربة ثرية للغاية وهي المشاركة مع مجموعة من الأكاديميين من مختلف العالم في تأليف كتاب باللغة الإنجليزية عن تطبيقات نظم التعليم في القطاع التربوي العربي، وتمت طباعته ونشره في الولايات المتحدة الأميركية، ويتم الآن بيعه في أشهر المواقع الإلكترونية ولله الحمد والمنة. إن ما حاولنا إضافته في هذا الكتاب التفاصيل المتخصصة في العالم المعلوماتي المعقد كوصف دقيق لمجتمع المعرفة المتطور الذي نعيشه.
وفي قراءة لكتابٍ مقارب في الطرح والفكرة أهداني إياه أحد الأصدقاء مؤخراً، يتحدث عن التحدي المعلوماتي في العالم العربي من تأليف الدكتور نبيل علي بعنوان “العرب وعصر المعلومات”، وجدتُ أن الواقع العربي يحتاج إلى العديد من هذه النوعية من الكتب المتخصصة، لعل الجيل الحالي أو الأجيال القادمة تستطيع الانطلاق منها إلى رسم آفاق المستقبل.
الكتاب في حقيقة الأمر سرد في أول فصوله حقائق تصف مدى التقدم الذي تعيشه الدول المتقدمة ومقارنتها بوضعنا العربي. وسوف أقوم بمشاركة القارئ الكريم عبر اقتباس بعض من هذه الحقائق من الكتاب كشواهد: يجري حاليا تصميم شبكات لنقل البيانات بمعدل 3 جيجابايت يمكنها حسابياً نقل مضمون ما يوازي 500 كتاب في الثانية الواحدة. ثلث المهندسين في وادي السيلكون في كاليفورنيا، الذين يقدر عددهم بـ 70 ألف مهندس، ينحدرون من أصول صينية. قدر حجم الجهد المطلوب لمشروع الطاقم الوراثي البشري Human Genome Project  بما يوازي عمل ثلاثة آلاف فرد لمدة عشر سنوات بكلفة تقديرية 3 مليارات دولار. تقدر كلفة التعليم على مستوى العالم العربي عام 2015 بـ 154 مليار دولار. تترجم مصر، أكثر الدول العربية سكاناً، مئة كتاب في العام مقابل 25 ألف كتاب يترجمها اليونان، 18 ألف كتاب يترجمها الأتراك، ويترجم اليابانيون أكثر من 50 ألف كتاب في السنة. إن تصميم المركبة الفضائية تم بعد متابعة العمليات البيولوجية المعقدة التي تتحول من خلالها اليرقة إلى شرنقة ثم إلى فراشة، وتطبيق هذة المعرفة تكنولوجيا لصنع المركبات الفضائية وبالتالي غزو الفضاء، واكتشاف الكواكب الأخرى.
وهناك الكثير من الحقائق التي متى ما توقفنا عندها وتمت دراستها باهتمام، بل وحتى تدريسها في مدارسنا وجامعاتنا لخلق روح المنافسة والابتكار لدى الأجيال القادمة، فأحلام العلماء الكثيرة لن تتوقف عند هذا الحد بل إنها في تزايد ونهم كبير نحو الوصول إلى مراتب أعلى من العلوم والتطور.