العدد 2911
الإثنين 03 أكتوبر 2016
banner
العرب ليسوا بخير
الإثنين 03 أكتوبر 2016

للشاعر العربيّ نزار قبانيّ توصيف دقيق لحال العرب قبل ثلاثين عاما بيد أنّه يصدق على وضعهم في هذه الأوقات، ومفاده أنّ الوطن العربيّ اليوم وطن اللامعقول، وطنٌ أحمق ومكابر ومجادل.. مصرٌ على إقناعك بأنّه بخير في حين أنّ درجة حرارته فوق الأربعين، ومصر على أنّ خلاصته العقل في حين يرمي نفسه من الطابق العشرين.. ومصر على أنّه اخترع الديمقراطية في حين انّ سجونه كاملة العدد. وبدورنا نتساءل هل يعيش العرب عصر انحطاطهم الحقيقي؟ وإلاّ ماذا يعني ما يجري على الأرض من حروب تحصد الأرواح في غير عاصمة عربية؟ والضحية الأبرياء من الأطفال والنساء!
نظرة عابرة لما يجري تطلعنا على أنّ أحوالنا ليست بخير. تلك حقيقة ساطعة كالشمس في رابعة النهار، فالعالم العربي دخل نفقا مظلما لا يبدو أنّ ضوءا في نهايته. وما أقدم عليه المنتمون للفكر الداعشي من جريمة اغتيال المفكر العربيّ ناهض حتر في وضح النهار يؤكد أنّ العرب ليسوا بخير. فالجريمة شنيعة بل هو عمل إجرامي جبان أيا كانت الأسباب، سياسية أم دينية. الأبعاد الخطيرة لمثل هذه الجريمة أنها تهدد السلم المجتمعي وتنذر بكوارث لا نهاية لها. إنها تمثل إعلانا بأنّ حرية الرأي في عالمنا العربيّ في خطر، لذا لا مفر للتصدي لمثل هذه الأعمال الارهابية المرفوضة إلاّ بوضع القوانين الصارمة. لعل أحد ابعاد المعضلة انّها تؤكد تغلغل الفكر الداعشي المتطرف. ولولا أنّ مثل هذا الفكر وجد البيئة الحاضنة له لما اقدم على اقتراف جرائمه.
 حرية الرأي في بلداننا العربية تعيش أصعب أوقاتها. فلم يعد صاحب الرأي قادرا على ان يعبر عن فكره. ولو أنّ الكاتب امتلك الجرأة على التعبير السياسي أو الدينيّ فإنه إزاء أخطار متعددة تترصده وليس خطرا واحدا، فالفكر الداعشي يرفض من يختلف معه.
المؤشر الآخر البالغ الخطورة الذي يؤكد أنّ وطننا العربي ليس بخير هو التحول في التعاطي مع قضايانا العربية. فإسرائيل - هذا الكيان الغاصب - لم تعد العدو لدى العديد من بلداننا العربية. إنّ دعاة التطبيع مع إسرائيل يبررون أطروحاتهم بأنه لا يجب أن نقحم السياسة في التربية تارة، وتارة أخرى تحت دعاوى لا نريد أن نربيّ أولادنا على العداء! هل غاب عن اذهان هؤلاء أنّ اسرائيل اغتصبت الأرض والعرض؟
ليت أمثال هؤلاء يرشدوننا الى السبيل الأمثل لبناء شخصية الطالب العربيّ، فهذا الجيل ينشأ بلا هوية، أمّا الأدهى والأمر هو انّ الخطاب السياسي العربيّ أخذ منحى بالغ السوء عندما يصرح سياسيون بأنّ “إسرائيل ليست عدونا!”، وخلافنا معهم هو خلاف على وراثة أرض.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .