العدد 2921
الخميس 13 أكتوبر 2016
banner
الذمة المالية حماية وضمان
الخميس 13 أكتوبر 2016

لم يعد خافيا أنّ إقرار “الذّمة المالية” يساير التوجه الدولي الهادف إلى ردع الفساد واستغلال النفوذ وتعزيز النزاهة والمساءلة لكل أشكال الفساد الإداري والمالي كجزء من متطلبات هيئة الأمم لمكافحة الإثراء غير المشروع عبر إصدار قانون بهذا الخصوص. ومن الناحية الأخرى يؤمل من إصدار القانون تعزيز المناخ الاستثماري، ذلك أنّ الكشف عن الذمة المالية يتيح المكاشفة والشفافية كضمان للاستثمار في أجواء آمنة. يشار الى أنّ قانون كشف الذمة المالية موجه بالدرجة الأولى لمن يملكون صلاحية إصدار القرارات لحماية المال العام من التلاعب أو الهدر، وهناك من يطالب بإخضاع كل موظفي القطاع العام للقانون، كونه يشكل عنصرا ضابطا ومانعا ورادعا لمن تسول له نفسه التطاول على المال العام.
الذي تأكد خلال السنوات الفائتة أنّ تقارير الرقابة المالية حفلت بالعديد من صور استغلال فئة من المسؤولين المناصب التي يعملون بها وما كان لهؤلاء استغلال المنصب لو كان القانون لهم بالمرصاد.
بالعودة إلى التاريخ فإنّ الإقرار بالذمة المالية كان معروفا منذ زمن بعيد، فأحد الخلفاء ابان الدولة الإسلامية كان يحصي أموال عماله وولاته بل يطالبهم بما يعرف اليوم بكشف حساب لأموالهم “من أين لك هذا”، وبلغ الوضع من أحد الخلفاء أنه كان يرسل الجواسيس على الولاة للتأكد من سيرتهم ضمن جهاز رقابي محكم كما جاء في رسالة موقعة إلى واليه على مصر “بلغني انه فشت لك فاشية من ابل وغنم وخيل وعبيد وظهر لك من المال ما لم يكن لك في رزقك ولا كان لك مال قبل أن أستعملك! فمن أين لك هذا؟”.
وإذا كانت الأنانية والطمع والمحاباة غرائز تستوطن نفوس البعض ممن توكل اليهم المناصب والوظائف فإنه من المحتم وضع الرقابة الدقيقة بل لابد من إلزام هؤلاء بقانون يحد من طمعهم وأنانيتهم وتعديهم على المال العام. إنّ قانون الذّمة المالية يعد إنجازا حضاريا بكل المقاييس.
الحديث عن قانون الذّمة المالية أعاد إلى الذاكرة ما أعلنته للأسف بعض قيادات الجمعيات بأنّ القانون لا يعنيه، ومثَل هذا الإعلان مفاجأة بأن ينأى بنفسه عن الخضوع لقانون وجد لكشف الفساد غير أنّ القانون كان صريحا بأنّ من يديرون الجمعيات يسري عليهم القانون كغيرهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .