العدد 2969
الأربعاء 30 نوفمبر 2016
banner
كاسترو... دكتاتور أم ديمقراطيّ
الأربعاء 30 نوفمبر 2016

برحيل الزعيم الكوبيّ فيدل كاسترو يغيب واحد من أبرز السياسيين في القرن العشرين. ولا يذكر اسم كاسترو إلاّ ويذكر رفيق دربه في النضال السياسي الأرجنتيني ارنستو تشي غيفارا. نبأ رحيل كاسترو شكل صدمة ومرارة للكثير من الكوبيين في حين استقبل معارضوه إعلان الوفاة بالفرح وهتافات (كوبا حرة). 

هناك سؤال يطرح اليوم حول ما إذا كان الرجل حاكما متسلطاً أم ديمقراطيا؟ الإجابة ببساطة انّ كاستروا ارتقى سدة الحكم بعد أن أطاح بدكتاتورية الجنرال باتيستا وتحول الى حاكم متسلط يقمع معارضيه بلا رحمة. وصفه معارضوه بأنه دكتاتور مهووس بالعظمة متسلط عديم الأخلاق. ولزائر كوبا عندما كانت تحت قيادة كاسترو ذكريات تؤكد ما ذهبنا إليه، يقول “عندما كان كاسترو رئيسا زرت كوبا مع أقرباء لي واستأجرنا سيارة لمدة أسبوع، السائق أخبرنا أنه كان يعمل مهندسا في المطار ودفع رشوة كبيرة ليستقيل ويعمل سائقا، طلبنا أن نأكل سمكا خصوصا أنّ كوبا تمتلك ثروة سمكية كبيرة، فأجاب أنّ السمك فقط للتصدير وممنوع أكله محليا. الحزن كان واضحا في وجوه الكوبيين،  كانوا صامتين حزينين مثقفين نظيفين، بيوتهم يحمونها من الرياح بالنايلون، ويسدون الثقوب، محاولين إغلاق الفتحات العقائدية التي يخترقها أمن الحزب الواحد، (ما أشبه كوبا برواية 1984 جورج أورويل).

أتباع النظرية الشيوعية على قناعة بأنّها ستصبح آيديولوجية أممية لكل الأمم باعتبارها حسب زعمهم الحقيقة، ولتحقيق هذه الغاية فصلوا الدين عن الحياة، بل جسدوا هذا المبدأ من خلال محو كل فكر آخر له علاقة بالإيمان، وهذا شبيه بما فعلته الأصولية الإسلامية عندما صبغت حياة الناس الخاصة والعامة بالدين. وأتذّكر أنني قرأت لأحد الكتّاب أنه كان ذات يوم يتناول طعام الغداء في مطعم براغ بموسكو وفوجئ أنّ النادلة قدمت له وجبة الحساء وطبق الرز دون سؤاله، وعندما طلب قائمة الوجبات للاختيار قالت: اليوم الثلاثاء وهو مخصص للسمك فقط وغير مسموح بوجبات أخرى! ولما اعترض فوجئ بإجابة مدير المطعم أنّ الدولة تعرف افضل منك ومنيّ ما يحتاجه الإنسان من غذاء وأنّ لديها من العلماء والمتخصصين، وهم يقررون ماذا نأكل وماذا نلبس وعلينا أن نشكرهم على هذا. ولم يكن أمامي خيار إلاّ أن أشكره بعبارات فيها عدم الموافقة على كلامه وغادرت المكان ليس لأنيّ لا أحبّ السمك ولكن لأنيّ أحترم إنسانيتي وحريتي!  في العام 2006م تخلى كاسترو عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول. اتسمت فترة حكمه الطويلة بقبضة من حديد، فعمد إلى نفي معارضيه وسجنهم، لكنّ الذي يحسب للرجل أنه حقق نظاما تعليميا متطورا ونظاما صحيّا يعد من أفضل الأنظمة الصحية في العالم. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية