العدد 2990
الأربعاء 21 ديسمبر 2016
banner
عندما يتطاول الصغار!
الأربعاء 21 ديسمبر 2016

آلمتني وأحزنتني، كما آلمت الكثيرين، الإساءة للداعية والرمز الديني الكبير محمد متولي الشعراوي. وتشاء الصدف أن من شنّ الحملة الظالمة هو أحد الإعلاميين. نقول إنه مؤسف جدا أن يهبط كاتب إلى هذا الدرك ويعمد إلى التطاول على هذا الرمز الدينيّ الكبير الذي عرف في طول العالم العربيّ والإسلامي بالاعتدال والتسامح والوسطية. لكنّه الزمن العربيّ الرديء الذي يتخلى فيه كاتب عن أخلاق المهنة ولا يجد ما يتناوله وينفس عن أحقاده سوى التطاول بلا دليل ودون أدنى احترام للرجل ومكانته ورمزيته فيقرر بلا خجل التشهير به. حالته ذكرتنا بما قاله عمنا الكبير أبوالطيب المتنبيّ: كناطح صخرة يوما ليوهنها... فما أضرّها وأوهى قرنه الوعل”. ربما هي الإثارة الرخيصة وسوء القصد الذي دفعه  إلى محاولة الإساءة والنيل لكن بلا جدوى. 

من منّا نحن الذّين عاصرنا شطرا من حياة الداعية الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوي لم ينجذب إليه وهو يفسر القرآن الكريم بأسلوبه العميق وبساطته المدهشة؟ شخصيا لا أعتقد أنّ هناك من يضارع الشيخ الشعراوي في تفسيره الكتاب المجيد، ولا أعتقد أنّنا سنجد تفسيرا يماثله في بساطته ومتعته، وهذا ما ساعده على الوصول إلى شريحة كبيرة من الناس داخل مصر وخارجها في العالم الإسلاميّ. 

يذكر عن الشيخ الشعراوي أنه كان عاشقا للغة العربية حيث عرف ببلاغة كلماته كما أنّ له باعا طويلا في حفظ الشعر وتأليفه واستخدامه في تفسير القرآن الكريم، والذين استمعوا إليه لا شك أنهم ذهلوا لبراعته في إجادة اللغة العربية.  الاتهامات التي ساقها ذلك الإعلامي لم تنطل على البسطاء من الناس فما بالك بذوي الفطنة، ولعل أشنعها اتهام الشيخ الشعراوي بأنه هو من مهد الطريق أمام الفكر المتطرف لكي يظهر ويتفشى في المجتمع المصري! 

إنّ تهمة بهذا الحجم لم يقدم عليها من أشاعها لولا ما كان يعتمل في نفسه من أحقاد أو تصفية حسابات. والقصة باختصار شديد كما رواها مقربون من أنّ الكاتب قد وسط أصدقاء للراحل ليجري معه حوارا واسعا لبرنامجه  وكانت موافقة الداعية الكبير حدثا لافتا. وفوجئ الشيخ أنه أشبه بمتهم في جلسة تحقيق من قبيل: أنت متورط بكذا! أنت متهم بكذا! جميع الأسئلة تتعمد إهانة الشيخ وهي لغة غريبة عليه. وكان طبيعيا أن يطلب الشيخ وقف الحوار! وجنّ جنون الإعلامي. ولم يجد هذا الإعلامي فرصة للانتقام إلا بعد رحيله وبعد هذه السنوات. أخيراً ليس من تفسير لما فعله فوزي سوى الحقد الأسود الذي اعتمل صدره ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .