العدد 3000
السبت 31 ديسمبر 2016
banner
لا للتطبيع
السبت 31 ديسمبر 2016

ما هذا الذي يجري لأمتنا؟ لماذا بلغت المهانة بنا هذا القدر من الانحطاط؟ ولماذا يستميت البعض في إقناعنا بأن دولة الكيان الإسرائيلي تحوّلت إلى أيقونة سلام ولا ضير في استضافتها في عقر دارنا! هذا الكيان الذي اقترف جرائم لا تحصى ضد الإنسانية بحق العرب والمسلمين. 

لا أدري لماذا تداعت إلى ذاكرتي قصيدة الشاعر نزار قباني التي يقول فيها “هل جاء زمانٌ نستقبل إسرائيل بالورد وآلاف الحمائم؟ والنشيد الوطنيّ؟ لم أعد أفهم شيئا يا بنيّ!”، إننا ننحدر إلى هاوية بلا قرار، وإلاّ ماذا يعني أن نمد أكفنا إلى من تلطخت أيديهم بمائنا. لكنه عصر التطبيع الذي يعني ببساطة “جعل ما هو غير طبيعي طبيعيا”، لابدّ من الاعتراف بأنّ المأساة بدأت عندما قبلنا أن يكون للكيان الإسرائيلي “وجودا” داخل أوطاننا العربية عندما تمثل في إقامة علاقات دبلوماسية، ثم اتخذ الوجود أشكالا شتى اقتصادية تارة وثقافية تارة أخرى وحتى رياضية وفنية وإعلامية وسياحية. ولم يتوقف الاختراق الصهيوني عند هذا الحد من التغلغل في أوطاننا العربية إلى أن عقدت المعاهدات ومن ثم دخول المنتجات الزراعية للأسواق العربية.

قد تستطيع بعض الأنظمة العربية إقامة علاقات سياسية أو اقتصادية وغيرها، لكنّ الذي هو غير قابل للتطبيع هو “كسر الحاجز النفسيّ”، إذ ليس سهلا نسيان المواطن العربيّ ما أقدمت عليه العصابات الصهيونية من جرائم وحشية داخل كل بيت عربيّ في فلسطين، فما تقدم عليه قطعان العدو الإسرائيلي بشكل شبه يوميّ من اعتداءات لا يمكن التسامح معها فضلا عن نسيانها، ومخطئ بل غارق في الوهم من يعتقد ولو للحظة انّ أطماع الكيان الصهيوني يمكن أن تقف عند حد، فالذي هو ثابت أنّ اسرائيل تخطط لبناء مشروعها التوراتي بإقامة دولتها من النيل إلى الفرات، وهي تسعى بكل الوسائل لإنجاز مشروعها مهما كانت التبعات. 

المحزن أنّ كل هذا يجري أمام أنظارنا في ظلّ غياب مشروع قومي عربيّ يقاوم هذا المخطط، وحتى ثقافة المقاطعة التي تتشدق بها الأنظمة العربية على امتداد خمسين عاما فإنها باتت تتلاشى حتى لم يعد لها أي وجود. لذلك ليس مستغربا إطلاقا أن الإنسان العربيّ لم يعد يكترث بما يسمع أو يشاهد من وعود.

من هنا فإنه من البديهيّ أن يعلن مثقفو الأمة بكل انتماءاتهم استنكارهم الشديد لمظاهر الاحتفالات لنفر من اليهود وهم يطلقون هتافاتهم وأناشيدهم المعادية للإنسانية والعروبة. ربما كان وجه الإثارة في الموضوع أنّ هؤلاء الصهاينة استطاعوا بذكائهم وخبرتهم الواسعة التغلغل في الأمة، شخصيّا لست مندهشا من هذا الذي يجري لسبب بسيط هو اننا نعيش عصر السقوط العربيّ أو هو عصر اللامعقول. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .