العدد 3014
السبت 14 يناير 2017
banner
معنى الإنسانية
السبت 14 يناير 2017

لم أصدق ما رأيته أمام عيني... مشهد جميل يحمل كل معاني الإنسانية والإخلاص والحب والوفاء. لم أصدق ذلك المشهد المؤثّر الذي ربما يفوق قدرتي على التعبير.

في مساء ذلك اليوم، في عطلة نهاية الأسبوع، كنت خارجاً من منزلي برفقة عائلتي، وإذا بي أرى شخصاً أمام بيتي مستلقياً بطريقة ملتوية يبكي بكاءً شديداً، وحوله بعض الأشخاص الذين يبدو أنهم مندهشون أيضاً من بكاء هذا الرجل الغريب. وأمام هذا المشهد المُبهم، والمحزن، لم أشأ أن أترك الرجل في هذا الوضع، وعرضنا عليه جميعاً أن نقدّم ما يمكننا تقديمه للمساعدة. فإذا بي أكتشف أن هذا الشخص، الذي كان من الجنسية النيبالية، يعانق كلباً ميتاً (أعزكم الله) ويبدو أن موت هذا الكلب هو السبب في نوبة البكاء الشديدة التي كان يمّر بها.

لقد كان منظراً اقشعّر له بدني، حاولت تهدئته بقدر ما استطعت، وشرحت له أنني أيضاً خسرت كلبي مؤخرا، وحزنت عليه كثيراً ولكن ليس لهذه الدرجة. توصلنا فيما بعد إلى هويّة هذا الرجل ومكان عمله، فقد كان يعمل في أحد البيوت بمنطقتنا السكنيّة، حيث قمنا بالاتصال بهم لإبلاغهم عمّا حصل لهذا العامل النيبالي. 

الغريب في هذا الحادث، أن أصحاب المنزل الذي يعمل به هذا العامل يعشقون هذا الكلب كثيراً وله مكانة خاصّة لديهم، على الرغم من أنه لم يمضِ سوى شهرين فقط على اقتنائهم له، ولكم أن تتخيلوا مدى قدرة الإنسان على التعلق بمثل هذا الحيوان الأليف في زمن قصير جداً، وبدأت أتساءل، ماذا لو كان هذا الكلب لديهم منذ سنوات، فهل كان هذا العامل سيقرر الانتحار حُزناً!

من وجهة نظري، إن هذه القصّة المؤثرّة تحمل الكثير من المعاني بين ثناياها، بل لربما تحمل دروساً في الإنسانيّة قد يكون افتقدها الكثيرون في هذه الأيام، فهذا الشخص أثبت أنه صاحب قلب كبير، يرفق بالحيوان كما دعانا ديننا الحنيف رغم أنه لم يكن مسلماً. 

شخصياً وبعد ما رأيته من موقف هذا الإنسان، أدركت مدى الإخلاص والوفاء الذي يتسّم به هذا العامل، وأجزم بأنه يتحلى بهذه الخصال الحميدة في عمله وسائر شؤون حياته. وفي المقابل، تلقيت كغيري مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل عن أشخاص يتفننون في تعذيب الحيوانات بطرق تثير الاشمئزاز والغضب.

كل ما أتمناه في ختام مقالي أن نجد العبرة بين ثنايا هذه القصص التي تمر علينا لنتعلم الإيجابيات والسلوك الإنساني الراقي، فكما يقول سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام  (الدين معاملة). ولا تحدثني كثيراً عن الدين، ولكني أرى الدين في سلوكك وأخلاقياتك وتعاملك. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية