العدد 3017
الثلاثاء 17 يناير 2017
banner
أيّة ثقافة نريد
الثلاثاء 17 يناير 2017

أسدل الستار قبل أيّام على الاحتفالية السنوية الخاصة بمعرض الكتاب، هذه التظاهرة التي كان ينتظرها عشاق الكتاب بشوق كبير، والذين شدّوا الرحال إلى قاعة الكتاب لابدّ أنهم لمسوا بأّم أعينهم أنّ الإقبال على الكتاب فاق كل التوقعات، وكان المعرض شهادة ناصعة على أنّ وضع الكتاب لا يزال بخير. ولا يزال يحظى بجماهيريته وربما أكثر، وهذا بالتأكيد يدحض الادعاءات بأنّ زمن القراءة في أفول وتراجع، لكن علينا الاعتراف بأنّ صناعة الكتاب تجتاز في عالمنا العربيّ وفي هذه الأيام بالذات تحديات وحصارا متعدد الجوانب، وهذا نتيجة للزحف الكاسح للأجهزة الإلكترونية. إلاّ أنّ الناس تدفقوا على الكتاب يحتضنونه ويشمونه كما يحتضن الإنسان حبيبا عائدا من سفر طويل أو كما يضمّ الجائع رغيف الخبز الطازج.

ورغم قناعتنا بأنّه من حق أي إنسان الاطلاع والإقبال على ما يتوافق وميوله ورغباته إلاّ أنّ الذي أثار دهشة رواد المعرض ظاهرة تجمهر اعداد من القرّاء الشباب على دور نشر بعينها اعتادت الترويج لنوعية محددة من الثقافة الفارغة من أي مضمون كالروايات “الشبابية” الخالية من أية قيمة فنية. كتاب استسهلوا عملية التأليف. قد يرّد البعض بأنّ عصرنا يفرض مثل هذا النمط من الكتابات وبالتالي ليس من حق أحد مصادرة رغبات الآخرين ولا الوصاية عليهم، وربما تذهب وجهة آخرين إلى أنّه من حق الآخر النهل مما يستهويه من معارف. 

بالطبع لسنا نختلف في حق القارئ في خياراته إلا أنّ المدقق في نوعية ما تعرضه هذه الدور من مطبوعات يقف على حقائق مفزعة. إذ إنّه يمكننا ببساطة أن نقرر أنّ ما تقبل عليه هذه الفئة من كتابات “شبابية” ليس سوى كتابات مسطحة ما كان يجب الترويج لها. والمتأمل في ظاهرة هذا “الأدب الشبابيّ الجديد” يخرج بحقيقة تبرهن افتقاده مبادئ الأدب.. إنه ودون أي تجنٍ إفراز هجين لمرحلة تنذر بكارثة على الأمّة. 

والخلاصة لا خيار أمامنا سوى التصدي بكل الوسائل والإمكانيات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .