العدد 3019
الخميس 19 يناير 2017
banner
ما هكذا تعالج الأمور
الخميس 19 يناير 2017

يوم الثلاثاء الماضي، كان المواطن خصوصًا فئة الموظفين الحكوميين على موعد مع نبأ غير سار بالمرة، وهو تعميم حكومي بوقف صرف العلاوة السنوية لموظفي الحكومة، الأمر الذي أشاع جوًا من الإحباط والسخط العام ليس بين هذه الفئة فقط الذين سيقع عليهم الضرر مباشرة وسريعًا، وإنما بين عموم المواطنين الذين تخوفوا من قرارات مشابهة ستطالهم إن عاجلاً أو آجلاً، طالما أن مسلسل القرارات التي تنتقص من مكتسباتهم مازال مستمرًا بعد أن بدأ في عروضه الحزينة برفع الدعم عن سلع استراتيجية في حياة المواطن وتستنزف قدرًا لا بأس به من أمواله كالبنزين واللحوم والكهرباء.

أمور كثيرة زادت من حدة صدمة المواطن ومن أهمها الفجوة التي تزداد اتساعًا بين دلالات ونتائج هذه القرارات وبين الصورة الآمنة التي يحتمي بها المواطن ويتكىء عليها بأن حقوقه لن تمس ومكتسباته لن تقلل مهما كانت الظروف والتحديات، وهي التي تأصلت لدى هذا المواطن في ظل التأكيدات المستمرة لسمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بعدم القبول بهذا المساس بل بذل كل الجهود من أجل زيادة هذه المكتسبات رغم الظروف الصعبة التي يعرفها الجميع.

لقد نجح هذا “الخبر” بامتياز في قلب أجواء التفاؤل أو الطمأنينة لدى المواطن إلى تخوفات كبيرة من الحاضر قبل المستقبل، وأنه لن يهنأ بالمستوى الذي يعيش فيه، حتى وإن كان هذا المستوى غير مرض له، لأن القادم سيكون أكثر ضررًا على معيشته وأحواله.

الظروف والأوضاع التي تمر بها المملكة وكثير من دول المنطقة ستفرض الكثير من القرارات والسياسات التي لا ترضي ولا يتمناها أحد، وهنا تكمن الأهمية الشديدة في الآلية الصحيحة لاتخاذها لكي تسلك مسارها وتحقق آثارها.

قرار مثل وقف العلاوات السنوية للموظفين وغيره من القرارات التي تمس المجتمع يمكن أن تتخذ دون “ضجيج” ودون إثارة لهذه الأجواء الحزينة والمحبطة، إذا ما تم صنعها واتخاذها بعد التشاور بين كافة الأطراف المعنية بها وتحديدًا بين السلطة التنفيذية التي ستفرض هذه القرارات وفقًا لرؤية معينة، والشعب الذي سيتحمل عبء هذه القرارات، ومن حقه أن يكون له راي فيها ويدلي بدلوه في جدواها، وأن يقدم مقترحاته في بدائلها، سواء عبر وسائل الإعلام المتاحة له أو عبر ممثليه في مجلس النواب، فالمواطن ينبغي أن يكون مشاركًا في صنع القرار طالما أنه هو المعني بتنفيذه، وهو الذي سيتحمل نتائجه.

إن التهيئة لمثل هذه القرارات “الحياتية” الصعبة من متطلبات نجاحها، إذ من غير المتصور أن يتم اتخاذها بصورة مفاجئة رغم حدتها الشديدة ووقعها المباشر على المواطنين، ما قد يجعلها مدخلاً للكثير من البلبلة والجدل وبابًا من أبواب التذمر، في وقت نحن في مسيس الحاجة إلى التوحد لنجتاز هذه المرحلة بصعوباتها بأقل الخسائر الممكنة وبأكبر قدر ممكن من المكاسب والفوائد، فما هكذا تعالج الأمور.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية