العدد 3042
السبت 11 فبراير 2017
banner
لماذا كل هذا الغضب؟
السبت 11 فبراير 2017

هل الدنيا تغيّرت أم الناس؟ مناسبة هذا السؤال أنّ الناس باتوا ندّابين للزمن، كلمّا تغير الذين نعرفهم نعيب الزمن، لكننا غالبا نستثني أنفسنا من أيّ لوم، ألا تلاحظون مثلا ما يطفح على وجوه الكثير من الناس من كآبة مفرطة وإحباط لا حدود له؟ لماذا كل هذا الغضب والانفعال لأتفه الأسباب في أغلب الأحيان؟ المتخصصون في الظاهرة يعزونها إلى عوامل وراثية بيد أنّ هناك عوامل أخرى كالفشل في تحقيق الأمنيات وما يتعرض له البعض من إرهاق جسدي ونفسيّ أو زيادة في إفراز الغدة الدرقية وما يترتب من انخفاض السكر في الدم. 

أما الظاهرة الجديرة بالتوقف أمامها والباعثة حقيقة على القلق فإنها ظاهرة الغضب التي تجتاح النسبة الأكبر من البشر في هذا العصر. من منّا لم تقرع آذانه على سبيل المثال في الشوارع المزدحمة منبّهات السيارات التي تتعالى حتى دون محاولة التعرف على الأسباب! أمّا لو تجرأ أحدهم مستنكرا هذا التصرف فإنّه يعرض نفسه لرد فعل غاضب وربما يتحول الى اعتداءات بالألفاظ الجارحة! 

شحنات الغضب لم تعد وقفاً على الازدحامات وحدها، بل إنها اليوم امتدت إلى المنتديات والحوارات في الفضائيات المتعددة التوجهات والمشارب، فإشعال الخلافات بين من يصنفون أنفسهم بالنخب من المثقفين والمفكرين لا يتطلب سوى إثارة تساؤل حتى يدب الخلاف وليس الاختلاف بين الطرفين، والمحتم أنه سيتفاقم إلى احتكاكات يستخدم فيها المتحاورون ما لديهم من أسلحة لفظية وحتى جسمية والهدف تصفية الآخر وإقصاؤه وربما يبلغ الأمر أحيانا حدّ التخوين والعمالة. أساس المعضلة كما يبدو أنّ هذه القنوات وجدت أنّ مثل هذه الاشتباكات وليس الحوارات أفضل وسيلة لجذب الجماهير المستلبة في الأصل، لذا فإنّها باتت لعبتها المفضلة!

إننا باختصار شديد أمام ظاهرة أخلاقية بالغة الخطورة، أضحت سمة لهذا العصر. هذا التراجع على صعيد القيم والأخلاق أضحى ثقافة تتجذر في اجيال اليوم، وهذا يمثل اختلالا للتعامل ومقاييس الأخلاق اليومية مما ينذر بعواقب بالغة الخطورة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .