العدد 3095
الأربعاء 05 أبريل 2017
banner
حتى لا تقع الكارثة
الأربعاء 05 أبريل 2017

لا يوجد شيء أسهل من إطلاق الشعارات التي تُعلي من شأن الطبقة العاملة، لكن عندما تتعلق القضية بأبسط حقوقهم أي الأجور حينئذ يصبحون أمام الخيارات الأصعب. أليسوا بشرا مثلنا يأكلون ويشربون ويتألمون ويحلمون وبالتالي فإنّهم لا يطمحون سوى إلى أكل لقمة العيش بشرف مثل بقية البشر. قصص العمال الذين حرموا من أجورهم على مدى أشهر يندى لها الجبين وتمتلئ بالأوجاع فضلا عن الاستغناء عن خدماتهم في أي وقت دون إبداء الأسباب. 

إنّ حرمان المئات من العمال البحرينيين وغير البحرينيين من حقوقهم  ظاهرة ملفتة دأبت عليها الكثير من الشركات والمؤسسات، ولا يجب التعامل إزاءها بسلبية وعدم اكتراث، فالقضية لا تعني حرمان العمال وحدهم لكنّ الذي يبعث على الألم والمرارة أنها تمس الآلاف من عوائلهم. مثل هذا التعدي ما كان يجب أن يحدث لو كانت هناك إجراءات تحد من هذا الظلم أيا تكن الحجج والمبررات التي يقف حولها أصحاب هذه الشركات. هل تناسى أرباب الأعمال أنّ ما يتقاضاه العمال من أجور نظير جهود يبذلها هؤلاء العمال وفي الأصل هي حقوق كفلها لهم القانون وليست تفضلا ولا منة ناهيك عن كونها مسألة أخلاقية واجتماعية. 

 ثم هل لابدّ من التذكير بأنّ تعطيل الرواتب لأشهر يضاعف حجم المأساة لسبب لا نعتقد أنه خاف عن أحدهم أنّ الراتب هو مصدر الدخل الأوحد لبقائهم على قيد الحياة فهل هناك ظلم أبشع من هذا الظلم! ولا يجب أن ننسى أنّ هؤلاء العمال يؤدون واجبهم في ظلّ ظروف بالغة القسوة تحت شمس لاهبة طوال أشهر الصيف مقابل عائد مادي هزيل قياسا بحجم العمل المضني.

كان بودنا لو أنّ من حرموا العمال من حقوقهم تصوروا مدى الألم الذي يعتصرهم وهم يقفون هكذا لا حول لهم ولا قوة وربما استنفدوا كل الطرق للبقاء على قيد الحياة فضلا عن أن لديهم أطفالا. وإزاء مثل هذه المعضلة فإننا نساند الفكرة الرامية إلى تشكيل مجلس للأجور بحيث يضم أطراف الإنتاج ومنظمات المجتمع المدنيّ ذات العلاقة. إننا نرى ألاّ يترك موضوع يمس قوت الإنسان بيد أصحاب الأعمال وحدهم حتى لا تقع الكارثة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .