العدد 3103
الخميس 13 أبريل 2017
banner
يوفنتوس.. حمار تورينو الوحشي!
الخميس 13 أبريل 2017

بعض المدن تزورها كما تزور البقالة، تحمل غرضا وتدس يدك في جيبك لتدفع الثمن. أما تورينو الإيطالية التي يتخذ منها يوفنتوس معقلا أو قلعة محصنة فهي واحدة من الأماكن التي لا تقبل ثمن زيارتها من جيبك وإنما من تاريخك.

لهذه المدن وقعاً مختلف، وعندما ترى نفسك صغيرا أمام معالمها المعمارية القديمة، فاعلم أنك في بقعة مقدسة!

هذا ما حدث لبرشلونة عندما سقط أمام الفريق المخطط بالأسود والأبيض كالحمار الوحشي، وعلى مقربة جغرافية من جبال الألب الساحرة، وأمام مرأى الكاتدرائيات العتيقة والقلاع الموصدة منذ قرون طويلة.

في هذه البقعة ذات التضاريس الضاربة في عمق التاريخ، لا يمكن للزائر أن ينجو من سطوة "سيدة ايطاليا" وليس السيدة العجوز كما يلقبها البعض- حتى وإن كان فريقا بعظمة برشلونة، فهذه السيدة لم تخسر رهانها مع "الزمن"، وأبت أن يمضي العمر دون أن تزداد تألقا وإشراقا، حتى بدا أنها تعتاش على زوارها الضحايا وتحتفل بانتصاراتها بتمرير الكؤوس على رؤوسهم المطأطأة!

وبمنطق إيطالي مُتغطرس، لا بأس في أن تكون "سيدة إيطاليا" أرملة، طالما أنها تجلس وحيدة على عرش المجد، ويوفنتوس، هذا الذي ابتعد عن صخب روما وأضواء ميلانو ليستقر في مدينة تورينو بالتحديد رغم علمه المسبق أنها تنازلت عن لقب العاصمة السياسية لصالح روما، إنما هو يختار مدينة حافظت على نقائها من دنس السياسة وبقيت كاتدرائياتها طاهرة، كما بقي يوفنتوس مترفعاً عن الآخرين بأرقامه القياسية وقصص نجاحاته الكبرى.

مدينة كهذه، لن ينفع معها مفعول السحر الكروي الذي جاء به برشلونة ليخترق قلاعها المتينة. لا فائدة أمام هذه الصلابة الدفاعية التي عجز الفرنسيون عن دكها طوال 117 يوما في معركة تورينو العام 1706، فكيف لهؤلاء الكتالونين أن يفعلوها في 90 دقيقة فقط؟

لابد وأن المسألة تستدعي أكثر من سلاح السحر الكروي، ربما تكتيك يضاهي حيلة "حصان طروادة" الخشبي الذي اندس في جوفه المقاتلون الإغريق خلسة.

 ولكن من يتوقع حيل "الكامب نو" الذي غرق في مستنقعه الفرنسيون أنفسهم، فالأكيد أن المعركة لم تحسم وأن الملعب المهول في إقليم كتالونيا سيكون "حلبة رومانية" لمصارعة "الثيران الإسبانية"، ويومها فقط، لن نتعرف على المتأهل في مسابقة دوري أبطال أوروبا لعام 2017، وإنما سنتعرف على المنتصر في هذه الجولة من الصراع التاريخي المستمر بين عمالقة الساحرة المستديرة في القارة العجوز.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية