العدد 3151
الأربعاء 31 مايو 2017
banner
بناء الذات في موسم رمضان
الأربعاء 31 مايو 2017

لا شك أنّ إطلالة شهر رمضان المبارك تمثل حدثا رائعا لكل المسلمين ليستعيدوا من خلال الشهر القيم الإسلامية النبيلة ويتخلوا عن الأحقاد والكراهيات، فهو فرصة لكل المسلمين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم لأن يقتنصوا موسم رمضان في خلق المزيد من التواصل والتقارب. 

لعل الأغلبية منا ممن يرتادون المجالس الرمضانية شهدوا جانبا من حوارات بين روادها لقضايا مجتمعية آنية وأخرى مضت عليها سنوات وغالبا ما يضفي حضور أصحاب الاختصاص آراء تتسم بالحكمة وبعد النظر، وكنا نتمنى أن تأخذ طريقها لأرض لواقع. الذي يلفت أنظار رواد المجالس بصفة خاصة أنّ قضايا الشباب تحظى بالأولوية إضافة إلى الهموم المجتمعية الأخرى كالظروف الاقتصادية. 

استثمار هذا الموسم الإيماني في معالجة قضايا الناس لا يتنافى مع طبيعة الشهر الكريم وما يسوده من نفحات إيمانية وبناء الذات، غير أنّ التحدي أنّ عملية بناء الذات تبدو مهمة شاقة في ظل التكالب المادي والانجراف تحت عجلات النزعة الاستهلاكية التي أصبحت سمة لهذا العصر بالإشارة إلى أنّ حياة الإنسان مهما امتدت إلى عشرات العقود فإنها تظل قصيرة. 

الإصلاح الاجتماعي أحد الأدوار التي من المفترض أن ينهض بها الانسان المسلم وبالأخص في هذه الأيام، ولم يعد خافيا ما تنطوي عليه فريضة الصيام من أهداف وقيم، والمؤسف أنّ الأغلبية منا لا تستشعر من فريضة الصوم سوى الاستغراق في الفعل ألا وهو الامتناع عن الطعام لساعات من النهار بينما لا ندرك من رمضان الرمز دون وعي على الأرجح. وإلاّ كم عدد من يترفعون عن الفعل إلى ممارسة القيم؟ إن نسبة هؤلاء ضئيلة قياسا بالأكثرية الساحقة ممن هم في عالم الشهوة. 

 إحدى القيم الكبرى لما ينطوي عليه فعل الصوم إرساء مبدأ التكافل الاجتماعي لكنها غائبة أو تمارس في نطاق ضيق، وأبرز مثال أمامنا للتكافل يتجسد في الصدقة، ففضلا عن مضاعفة الحسنات فإنّ أثرها الاجتماعي يتمثل في وقاية المجتمع من الوقوع في مستنقع الانحراف والجريمة. لو أنّ المسلمين مارسوا الجانب الرمزي من الصيام لوجدنا انّ هناك فارقا في حال المجتمع المسلم عما تعيشه اليوم فئة منهم من بؤس وفقر مدقع. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .