“تم” اسم لبرنامج يقدم على شاشة تلفزيون البحرين في هذا الموسم الرمضاني. وكلمة “تمّ” متداولة بشكل واسع وتعني أن لا تراجع عن القرار مهما كانت المغريات المقدمة. لا أعتقد أنّ هناك من يختلف على نبل فكرة البرنامج وسموها وبالأخص في هذا الشهر الكريم وفريق العمل يستحق الشكر على الجهود الإنسانية. لكن السقطة في هذا العمل الجميل أنه أبرز صاحب الحاجة وهذا يتنافى تماما مع مفهوم العطاء في الإسلام مما أوقع المحتاجين في حرج بالغ. 

الأفكار المبتكرة لتقديم العون للفقراء التي نالت الإعجاب جاءت خالصة لوجه الله من دون المساس بكرامتهم. كثيرون منا بلا شك لاحظوا في السنوات الفائتة انتشار فكرة “وجبة على الحائط” في غير منطقة من العالم. غير أنّ بدايتها كانت في الدول الغربية، وملخصها أنك عندما تشتري فنجانا من الشاي لنفسك تشتري فنجانا آخر وتضع قصاصة ورقية على حائط المقهى ليأتي شخص محتاج فيأخذ الفاتورة ويشرب القهوة مجانا. المعنى الذي ترمي إليه الفكرة أنّ المحتاج لا يعرف المحسن وبالتالي لا يشعر بالحرج ولا تجرح كرامته. 

ونظرا لما تنطوي عليه هذه الفكرة من مقاصد نبيلة في حفظ الكرامة فإنّ هناك من حوّلها إلى “وجبة الحائط” لمساعدة الفقراء وهي اليوم باتت منتشرة في بلدان لا حصر لها من الشرق والغرب. الأهم في هذه الفكرة الرائعة أنّ المحتاج لا يعرف من يساعده ولا يعرف المتبرع هوية المحتاج، وهذا هو ما تحث عليه الشريعة الإسلامية السمحاء كما جاء في الحديث الشريف “ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”، أما المقصود من هذا الحديث المبالغة في إخفاء الصدقة على الضعفاء والمحتاجين. 

كم نتمنى من فاعلي الخير والإحسان التخلّي عن جرح كرامة المحتاجين، فلا يليق أن نسهم من حيث نشاء أو لا نشاء في مضاعفة آلام وأحزان إنسان شاءت أقداره أن يعيش البؤس والفاقة.