العدد 3158
الأربعاء 07 يونيو 2017
banner
لماذا انهزمنا؟
الأربعاء 07 يونيو 2017

الانهزاميون العرب اعتبروا نكسة حزيران نهاية العرب الأخيرة ولم يبق سوى إشهار إفلاسهم وإعلان وفاة الفكر الذي قاد إلى الهزيمة في حين أنّ المتشبثين بالأمل منهم يصرون على أنّ هزيمة العرب في الخامس من حزيران لم تكن سوى خسارة معركة وليست خسارة الحرب، ولسنا هنا في معرض الدفاع عن الزعيم عبدالناصر ولا تبرير الهزيمة المروعة فالرجل كما وصفه شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري – عظيم المجد والأخطاء، لابد من تساؤل هنا لماذا نحمل هذا الزعيم وحده أسباب هذه الهزيمة؟

إنّ الأجيال العربية التي عاشت أحداث حزيران لم يغب عن ذاكرتها ما تبع الهزيمة من موجات غضب عارمة اجتاحت الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه والبعض أطلق رصاصاته الطائشة يمينا وشمالا، وآخرون مارسوا جلدا للذات تعبيرا عما أصاب الأمة من صدمة، ولا نشك أنّ بين هؤلاء من كان هدفه البحث عن مكامن الوجع في الأمة والوقوف على أسباب الكارثة بينما كان نقد الآخر تعبيرا صريحا عن شهوة الانتقام وإسقاط الفكر الذي أفضى إلى الهزيمة. 

إنّ موضع الاستغراب والدهشة ظاهرة اغتيال الرموز السياسية والفكرية للأمة وتحميلها وزر الهزيمة، والأكثر مدعاة للدهشة أن يخرج داعية إسلامي ذاع صيته في أرجاء الوطن العربي ويعلن بجرأة منقطعة النظير أنه “سجد لله شكرا يوم 6 يونيو على ما لحق بالجيش من انكسار” لأنه رأى في ذلك خلاصا للأمة من قبضة عبدالناصر، وبزعم أنّ نشوة الانتصار على إسرائيل ستفاقم حالة الاستبداد والبطش. 

ألا يعد مثل هذا نوعا من السادية التي تعني بأبسط معانيها استعذابا للآلام والأوجاع والأحزان كبديل للنصر؟ المفارقة الباعثة على السخرية والألم أنّ هذا يتم في ذات الوقت الذي تحاول فيه قوى الاستعمار الجديد تطويق الأمة العربية سياسيا واقتصاديا وقطع كل الشرايين التي تربطها ببعضها البعض؟ وللذين يستخفون بنظرية المؤامرة نقول لهم إنّ هذه القوى لم تكف يوما عن ممارسة ابتزازها واختلاق ذرائعها والمؤسف أنها نجحت في مخططاتها إلى حد كبير.

إنّ هزيمة حزيران كانت نتيجة منطقية لغياب ممارسة النقد الذاتي فـ “لا صوت يعلو على صوت المعركة” الشعار الذي كبّدنا الآلاف من الضحايا والمشردين والارتجال الذي كلفنا خمسين ألف خيمة جديدة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية