العدد 3173
الخميس 22 يونيو 2017
banner
رجاء أوقفوا هذه المهزلة
الخميس 22 يونيو 2017

من حق المواطن العربيّ أن يقف اليوم متسائلا عن العدد المهول للقنوات العربية التي يكتظ بها الفضاء: ما الذي قدمته القنوات الفضائية للإنسان العربيّ؟ الإجابة باختصار شديد أنّها جميعا بلا استثناء لم تقدم شيئا ذا قيمة أخلاقية ولم تضف شيئا سوى إثارة البلبلة وإغراق المواطن العربيّ في دوّامة التخلف، ومخطئ من يعتقد أنّ هناك فضائية عربية واحدة وضعت ضمن أهدافها الارتقاء بالإنسان العربيّ على كل الأصعدة الثقافية والعلمية والأخلاقية لكنّ الواقع يبرهن أنّ هناك قنوات دأبت على بث الأحقاد والكراهيات بين البلدان العربية وللأسف البالغ نجحت بأساليبها الشيطانية في إحداث الشروخ داخل هذا الإنسان. 

 الغائب الأكبر في هذه الفضائيات هو الصدق والموضوعية، أمّا الأكذوبة الكبرى ما تروج له هذه الفضائيات عبر برامج ألصقت بها كذبا وزورا عبارة “الرأي والرأي الآخر” وهي في حقيقتها ليست أكثر من سباب وشتائم تتحول إلى لغة الجسد، هي لا تقول الحقيقة ولا حتى نصفها عندما تلجأ إلى إشاعة الكراهيات واختلاق القصص الوهمية. 

القول إنّ الفضائيات أسهمت في نقل المواطن العربيّ إلى واقع أكثر حرية وديمقراطية لا يستند إلى أي دليل عمليّ كما أنّ القول إنّها أنجزت حلما طال انتظاره بإخراج أبناء الأمة من حالة التخلف والانحطاط قول يناقض الواقع تماما، ولنكن أكثر صراحة لم يكن تثقيف الفرد هدفا للقائمين عليها بل إن طموحهم الأكبر هو الهدم بصرف النظر عما يروجون له من ادعاءات. 

إنّ المواطن العربي كان دوما ضحية للشعارات التي تتستر خلفها فضائيات كـ “الجزيرة” التي كان دورها منذ تأسيسها تهييج الرأي العام. والمثال هنا أحد برامجها المسمى بالاتجاه المعاكس، الذي يفترض أن يزود المشاهد بثقافة جادة إلا أنّ الواقع أنه يشاهد معركة حقيقية تستخدم فيها الكلمات النابية وهي أشبه بما يقع بين صبيان الحارة لا النخب الثقافية والفكرية اللامعة في عالم الثقافة العربية التي من المفترض أن تصوغ الرؤية الثقافية والوجدانية للأمة. 

ربّما وجدنا العذر لبعض هذه الفضائيات لأن الطابع التجاري المحض هو ما تسعى إليه لكن أيّ عذر لفضائيات وُفرّت لها مئات الملايين لتمزيق أواصر الأخوة وإحداث الفرقة والكراهيات والأحقاد؟!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية