العدد 3209
الجمعة 28 يوليو 2017
banner
جريمة القرن
الجمعة 28 يوليو 2017

لم يتصور نظام الملالي عندما قام بتنفيذ مجزرته في صيف عام 1988 بإعدام أكثر من 30 ألفا من السجناء السياسيين من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق إثر فتوى مجنونة من الخميني، أن جريمته هذه ستصبح جريمة القرن لأنها حملت كل المواصفات والمؤهلات التي تجعلها ترقى إلى هكذا مستوى.
أفظع ما في الجريمة وأكثر جوانبها وحشية وبربرية أنها نفذت بحق سجناء سياسيين كانوا يقضون فترات محكوميتهم ليس لجرائم ارتكبوها، إنما كونهم يحملون فكرا سياسيا له أبعاد ومضامين إنسانية تؤمن بالحرية والديمقراطية، وهذه الحقيقة أكدها الجلاد فلاحيان، وزير الاستخبارات السابق لنظام الملالي عندما قال بالحرف الواحد: “بغض النظر عما فعله أسرى مجاهدي خلق، فإن المعتقدات كانت السبب في إعدامهم الجماعي”، وإذا ما انتبهنا إلى أن هذا الكلام يتم ذكره في الألفية الثالثة بعد الميلاد وفي ذروة سعي العالم لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان والتمسك بها، فإن هذا الصوت النشاز يجسد مستوى وعمق الإيمان بمعاداة الإنسانية من جانب نظام الملالي.
لم يسبق أن قام نظام دكتاتوري قمعي في التاريخ المعاصر، بما قام به نظام الجلادين والقتلة في إيران بحق السجناء السياسيين في صيف 1988، ما يجسد في الحقيقة سعي هذا النظام لخنق صوت الحرية بأي ثمن كان وجعل الاستبداد والقمع تحت غطاء الدين فوق كل اعتبار.
جريمة القرن هذه حدثت بسبب الأفكار والمبادئ الإنسانية التي حملها السجناء السياسيون وليس بسبب جرائم وتجاوزات قانونية ارتكبوها، بل كانوا بالأساس يناضلون من أجل سيادة القانون في ظل المبادئ والمعايير الإنسانية وكانوا يرفضون بقوة جعل القمع والاستبداد الأساس كما رفضوا جعل الأفكار القروسطائية المتخلفة المعادية لكل ما هو إنساني وحضاري والمعادية للمرأة بشكل خاص، المهيمنة على الشعب الإيراني، لذلك فإنهم ضحوا بأرواحهم كقرابين فداء على ضريح الحرية من أجل الشعب الإيراني.
اليوم، وبعد كل هذه الأعوام التي مرت، فإن ملف المجزرة يتم فتحه من جديد، وتبادر أوساط سياسية وتشريعية دولية إلى التطرق لهذا الملف والمطالبة بالبحث والتحقيق فيه وعدم ترك الجناة لحالهم، وبطبيعة الحال فإن هناك تخبطا وخوفا ورعبا في طهران من الظلال المرعبة لجريمتهم النكراء التي لم يعد بوسع العالم الاستمرار في السكوت عنها وتجاهلها، وعلى قادة ومسؤولي نظام الملالي وفي مقدمتهم خامنئي أن يستعدوا للمثول أمام الجنائية الدولية تماما مثل سلوبودان ميلسوفيتش ورادوفان كارادوفيتش. “الحوار”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .