العدد 3275
الإثنين 02 أكتوبر 2017
banner
امرأة... إعلام... سياسة (1)
الإثنين 02 أكتوبر 2017

الطاولة المستطيلة في المجلس الأعلى للمرأة، وفي الجلسة الحوارية التي نظمها كل من المجلس ومعهد التنمية السياسية؛ أنّت هذه الطاولة بالكثير من الرؤى والمقترحات، والقصص والمواقف التي تتقاطع فيها المرأة في حضورها الإعلامي من الجانب السياسي، ولا شكّ أن مثل هذه الندوات ستزداد وتيرتها في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، حتى ترخي انتخابات 2018 سدولها، ويتبيّن الرابح من الخاسر في هذه الانتخابات، وحتى يتبيّن أيضاً من بكى ممن تباكى، ومن بين من يخوض في هذا الميدان: المرأة.

قبيل الانتخابات البلدية الأولى (مايو 2002) والنيابية الأولى (أكتوبر 2002)، كان حظّ المرأة من النقاشات الإعلامية كبيرا جدا في المشهد الكبير كلّه، إذ إننا كنا نخوض هذه التجربة بعد أكثر من ربع قرن من الانقطاع، وكلّنا – تقريباً – طارئون على هذا الميدان، حتى أن البعض استعان بالجمعيات والفاعلين في الكويت – آنذاك – لخبرتهم في إدارة الحملات الانتخابية، حتى تبيّن أن الشروط البحرينية مختلفة وذات خصوصية لا يمكن استنساخها من أيّة دولة كانت إلا في الحدود العامّة جدّاً.

ولكن يمكن أن يلاحظ أن هذه المناقشة لوضعية المرأة في كل من المجالس البلدية والنيابية خفّت في الاستحقاقات الثلاثة التالية، لأمرين أساسيين، هما أنّ الكثير مما يمكن أن يقال قد قيل في السابق، وما عادت المعالجات، وزوايا الطرح والطرق إعلامياً جديدة على الإعلامي والقارئ. والأمر الثاني، وربما الأهم، أن المرأة حضرت، ليست بالتزكية، ولكن بالاقتراع، حضرت في الشورى بتمثيل جيّد، وحضرت أيضاً في المجلس النيابي، ما عادت “سمكة زينة” في المجلسين، ولا هي استعراض أمام العالم، بل أخذت نصيباً وافراً من الحضور الذي تشكله هي نفسها، والإعلام يقوم بعكس الصورة – في كثير من الأحيان – بشكل حيادي، لا يبخس المرأة حقّها، ولا يسلبها إنجازاتها، كما – في المقابل – لا ينفخ حضورها كما البالون، بحيث يظهرها في غير سياقها، ويروّجها بشكل مبالغ فيه، وبعيد عن الحقيقة، لأن هذا الأمر ضارٌّ جداً ليس بالمرأة وحدها، ولكن بكل من نحبه، أو يراد لنا أن نحبه، فيجري تمريره بين الأنفاس، وفي ثنايا الكلام، وحتى بين رشفات الماء.

المرأة البحرينية ليست مسكينة، ولا عاجزة، ولا ذات احتياجات خاصّة، بل إن حضورها قويّ وطاغ، يكفي أنها تشكل – ومنذ زمن ليس قصيرا – أكثر من 60 % من الجسم الجامعي في البحرين، وأنها حاضرة بقوة في سوق العمل في قطاعيه العام والخاص، صحيح هناك حديث عن السقف الزجاجي الذي لا تتعداه المرأة في بعض المهن للوصول إلى صنع القرار، لكنها في سبيلها إلى ذلك لاشك، فهي أقوى بمراحل من كثير من الرجال، ويكفي أن نرقب وجودها وحراكها وجرأتها وإقدامها وطرحها وثقتها، ففيها ما يفوق زميلها الرجل بمراحل. ولم يعد كون المرأة وزيرة إنجازاً، وليست المديرة أمراً مُنكراً، وليس وجودها في أي مكان اليوم في البحرين يمكن أن يشكل صدمة أو غرابة، وكذلك ما عاد وجودها البرلماني/التشريعي ما تُفغر له الأفواه، إننا وسط عالم يتغيّر ويتحوّل ومن الصعب حتى التريّث لترتيب أولوياتنا والبحث عن “خصوصياتنا”، وهي الكلمة التي طالما كانت مكابح التغيير... كلنا نحاول السباحة، كلنا نتعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية