العدد 3330
الأحد 26 نوفمبر 2017
banner
أنا وقلمي الأحمر
الأحد 26 نوفمبر 2017

في إحدى الحلقات التي أقوم بتقديمها حاليا على شاشة تلفزيون البحرين، انتبه مخرج البرنامج وأنا ألوح يميناً ويسارا كعادتي أثناء توجيه أسئلتي للضيف أنني أحمل قلما أحمر بخس الثمن، (واضح أنه قلم أستخدمه لتصحيح أوراق امتحانات طلبتي في الجامعة) حقيقة.. استنفر المخرج وأرسل لي قلما فخما، إنقاذه الموقف لم يكن كافيا، فقد كانت الحلقة على وشك الانتهاء، وبهذا تابع المشاهدون (جلهم) القلم الأحمر الرخيص وهو يتمايل بين إصبعي يميناً ويسارا.
ما لفت انتباهي، أن القلم أصبحت له شعبية كبيرة فقد تلقيت العديد من الرسائل التي تشيد بالحلقة وتتهكم على القلم، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن رحلة القلم الأحمر في (جيوب) و(حقائب) شريحة كبيرة من المجتمع من المدرسين والأساتذة العاملين في قطاع التعليم والتعليم العالي رحلة يشار لها بالبنان، فمنذ بداية الفصل الدراسي، والقلم يخطط لعدد من الأفكار والطرق الإبداعية التي سيقوم المدرس بإيصالها إلى طلبته، جيل المستقبل الواعد والذين باتوا بعيدين كل البعد عن استخدام الأقلام في ظل وجود الآيفون والأجهزة الرقمية والحواسيب وغيرها من الأجهزة التي قلصت استخدامهم الأقلام، لكن القلم الأحمر هنا صامد، فهو يطلع على جل الأنشطة والتدريبات الكتابية التي يقوم بها الطالب، ويقوم بكتابة الملاحظات، ناهيك عن رصد الدرجات اللازمة لتقييم هذه الواجبات، الأدهى أن القلم الأحمر حاضر في تصحيح امتحانات المنتصف والامتحانات النهائية، وكذلك حاضر في كتابة الملاحظات الجانبية.

المضحك المبكي أن جمهورية الصين الشعبية كان قلم الحبر الجاف يقف عائقا أمامها، فهذا البلد العملاق الذي استطاع أن يصنع من الإبرة إلى الصاروخ فشلت جميع محاولاته السالفة في إنتاج قلم حبر جاف كصناعة محلية كاملة! لكن الحلم تحقق أخيرا وتمكنت الصين، من صناعة أول قلم حبر جاف بمكونات محلية كاملة، بعدما واجهت صعوبات تقنية جمة في تطويره، طيلة الأعوام الماضية.
وبحسب بعض وكالات الأنباء ان تعثر الصين في إنتاج رأس قلم الحبر من الفولاذ كان بسبب عدم امتلاكها آلات لقطعه بشكل بالغ الدقة، مما كان يضطرها إلى استيراد المادة من سويسرا، وهو الأمر الذي أثار حيرة العديد من علمائها في وقوف القلم عائقا كبيرا في مجمل تطورها الصناعي .
كيف لبلد كالصين تحتفي بقلم بسيط كهذا وتصرف الملايين على تطوير المشاريع لإنتاجه وصناعته لننظر له نحن بهذه النظرات لأنه فقط قلم حبر جاف أحمر!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية