العدد 3382
الأربعاء 17 يناير 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
من يعالج من؟
الأربعاء 17 يناير 2018

تبدو المفارقة بين المواطن والدولة، أستطيع أن أشبه الوضع الحالي للدولة بأنها المريض والمواطن الطبيب، فكما يبدو من شفط جيب المواطن لسد العجز في الدولة تحول هو للدكتور المعالج وتحولت الدولة للمريض، هذا هو الواقع الراهن بكل أسف.

كيف نتحدث عن رؤية 2030 ونروج لها في أدبياتنا وإعلامنا ونحن بذات الوقت لا نملك رؤية للعام 2019 التالي، فالتخبط اليوم بلغ ذروته، وسد العجز أو معالجة الأزمة بواسطة أفكار ومقترحات استشارية غير واقعية ولا علاقة لها بالشارع ونبض الشارع يتعارض مع هذه الرؤية التي تتحدث عن عصر الرخاء والرفاه، كيف أؤسس لرخاء بعد أن أحطم الطبقات وأحولها كلها وسطى وميسورة ومحدودة إلى طبقة واحدة تعاني، وأتباهى برؤية للعام 2030؟ لا يمكن فهم هذه الرؤية ولا المستشارين العاملين بها ولا حالة التطبيق العشوائي لمعالجة آثار أزمة النفط بشفط المواطن، أليست هناك خيارات؟ ألا توجد عقول تبحث وترصد وتبدع مثلما يُفترض؟ إذا ما فائدة هيئة سوق العمل؟ ما أهمية ممتلكات؟ ما قيمة إدامة؟ لماذا أنشأنا هذه المؤسسات ودعمناها واستنزفت طاقتنا طوال هذه السنوات؟ وبدلاً من أن تكون هذه المؤسسات الفريق الداعم في إخراج الدولة من أزمتها يصبح المواطن الفقير والمتوسط ضحية علاج الأزمة.

السوق اليوم والاقتصاد والمال والأزمة كلها مفردات يتأملها المواطن ويسأل نفسه هل أنا الساحر الذي بيده الحل؟ يسأل المواطن نفسه كل يوم هل أنا حلال المشاكل لأحل مشكلة الدولة وأعالج أزمتها؟ فكما هو واضح أن كل هذه المؤسسات التي ذكرتها لم تساهم بأي جهد في العلاج، الطبيب الوحيد الذي يعالج الدولة هو المواطن وهذه مفارقة، حيث إن المفروض عادة في الدول المستقرة والواثقة من أدواتها ومسؤوليها أن تكون هي الطبيب المعالج للمواطن وجراحاته، لكن هنا في البحرين خلال الفترة الأخيرة انقلبت الآية وأصبح المواطن الطبيب المعالج للدولة والمسؤول عن إعادة هيكلة ميزانيتها من خلال شفط جيوبه من كل ناحية وصوب.

يعز علينا اليوم أن نقف ونكتب هذا الكلام عن البحرين الدولة التي كانت قبل ثلاثين سنة بدون مجلس النواب والجمعيات السياسية وهذا الحراك السياسي الذي يُدعى ديمقراطية، كانت البحرين في رخاء وازدهار وكانت مركز المنطقة المالي وعاش المواطن متوسط الحال كما هو محدود الحال، الجميع متساوون نسبياً في الحياة المعيشية وكانت سياسة الحكومة حينها وقبل فتوى واستشارات مكنزي الدمرة وتداعياتها سياسة حكيمة وواضحة وراسخة تقوم على تنويع مصادر الدخل لدعم الميزانية ولم تفكر حينها رغم تكرار الأزمات المالية بشفط المواطن كما هو الحال اليوم في عصر المؤسسات الطارئة التي لم نر منها حتى الآن أي دعم سوى شفط المواطن.

تنويرة:

كثرة المنظرين في الأمة علامة انحدارها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية