العدد 3402
الثلاثاء 06 فبراير 2018
banner
هل تخلى ترامب عن المحتجين الإيرانيين؟ (2)
الثلاثاء 06 فبراير 2018

الاحتجاجات الإيرانية كانت شعبية صرفة، ولكن غابت عنها القيادة، والنظام نفسه يمتلك موروثا عميقا من الخبرة التآمرية على معارضيه، ويستطيع إسكاتهم بعدما تمكن من إحكام قبضته الحديدية على مفاصل الدولة من عام 1979. هناك أمر آخر غاية في الأهمية يتعلق بعقيدة قوى الأمن في الحالتين، العربية والإيرانية، ففي بعض الدول العربية انهارت قوى الأمن تحت ضغط الاحتجاجات المتزايد والارتباك الذي أصاب هرم السلطة والقيادة في تلك الدول، وهي قوات نظامية رسمية وتمتلك عقيدة أمنية احترافية غير مؤدلجة، والأدلجة هنا هي من أهم الفوارق بينها وبين ميلشيات الباسيج وقوى الأمن الإيرانية غير النظامية، التي تعمل وفق عقيدة آيديولوجية لا تسمح بانهيارها بل بسفك الدماء والقتال دفاعاً عن العقيدة والمذهب!

في خطابه الأول عن “حالة الاتحاد”، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرشد الثورة الإيرانية بأنه “ديكتاتور”، معلناً وقوفه مع الشعب الإيراني للحصول على حريته، وقال “عندما انتفض الشعب الإيراني ضد جرائم ديكتاتوريته الفاسدة، لم التزم الصمت” وهذا صحيح تماماً، فقد قدم ترامب دعما صريحا ومباشرا وقويا للمتظاهرين الإيرانيين، الذين وصفهم في خطابه بالشجاعة، ولكن الكلمات الصادرة عن البيت الأبيض لا تكفي لحسم الأمر في الحالة الإيرانية المعقدة كما أسلفت.

في ضوء تحليل الشواهد المحيطة ببيئة الاحتجاجات التي شهدتها إيران مؤخراً، يمكن القول إن هناك أسبابا عدة وراء انحسار هذه الموجة الاحتجاجية، ليس من بينها باعتقادي تخلي الغرب عن المتظاهرين الإيرانيين، ولكن، وكما ذكرت في مقال سابق لي، لن يكون سقوط النظام الإيراني بنفس سيناريو سقوط أنظمة عربية في السنوات الأخيرة، فالوضع في إيران مختلف تماماً، والموجة الاحتجاجية الأخيرة لم تفشل كما يعتقد البعض، بل حققت الكثير من الأهداف، وربما تكون تمهيداً لموجات أقوى تنجح في اقتلاع النظام من جذوره، ولكن عبر صدام دموي عنيف، فهذا النظام لن يتخلى عن الحكم عبر بيان هادئ كما يعتقد المحللون، فالتاريخ هناك لن يكرر نفسه، والملالي الدمويون بطبيعتهم لن يخرجوا صباح يوم احتجاجي ليعلنوا رغبتهم في حقن الدماء، فالحالة الإيرانية استثنائية، أو هكذا يشير تاريخ الماضي الإيراني القريب في نصف القرن الأخير على وجه التحديد!. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .