العدد 3427
السبت 03 مارس 2018
banner
عندما يصف الطاغية شعبه بالعدو!
السبت 03 مارس 2018

علمنا التاريخ بوضوح أن الطغاة كانوا دوما يعيشون حالة من الشك والتوجس ولم يثقوا بأحد، بل كان بعضهم يشكك حتى بالدائرة المحيطة والمقربة منه، وكان السائد والمألوف لديهم اعتبار التطلعات والطموحات الإنسانية بالرقي والتقدم من جانب الشعب بمثابة تحركات ونشاطات عدوانية ضدهم يجب مكافحتها بشتى الطرق، رغم أن معظم الطغاة كانوا ولا يزالون ينظرون نظرة ريبة إلى شعوبهم باعتبارهم خصوما يناصبونهم العداء.

عندما يعود الرمز الأكبر لنظام الدجل والشعوذة في إيران، الملا خامنئي ويصف مرة أخرى انتفاضة الشعب الإيراني الهادفة إلى إسقاط حكم الملالي بأنها مؤامرة الأعداء، حيث قال: “أولئك الذین یحیكون مخططات عدائیة ضد الجمهوریة الإسلامیة حیث ترون نماذج بسیطة لها أحیانا في هذه الأحداث وأعمال الشغب؛ وهي نماذج بسیطة لمؤامرات الأعداء”، فإنه ومن خلال ذلك يؤكد مرة أخرى استحالة التعايش والألفة بين هذا الدجال ونظامه من جهة، وبين الشعب الإيراني من جهة أخرى.
انتفاضة كانون الثاني 2018، التي أرعبت النظام وجعلت فرائصه ترتعد من شدة الخوف والرعب والتي اضطرت الملا خامنئي بعد 13 يوما من صمت مميت كاد يردي به، للخروج ليؤكد لغة معكوسة كون المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية تشكل البديل للنظام، وقال خامنئي آنذاك: “لقد كانوا جاهزين منذ أشهر... كانوا يعدون العدة لهذه القضية ويخططون لرؤية هذا وذاك، وليعثروا على أشخاص في الداخل ليساعدوهم على تأليب الناس وتحريضهم. إنهم من أطلقوا النداء واستخدموا شعار لا للغلاء وهو شعار يرحّب به الجميع وتمكنوا من جذب عدد من الأشخاص، ثم ليدخلوا الميدان هم بأهدافهم ويجرون بعدها الشعب من ورائهم”، وهو طبعا لا يعترف بحرية الشعب في اختيار الطرف السياسي الذي يمثله ويعبر عن آماله وتطلعاته.
من الطبيعي والمنتظر أن يعتبر الملا خامنئي وكذلك نظامه الشعب الإيراني بمثابة عدو له ولنظامه، ذلك أنه لا يوجد ما يجمع بينهما أبدا فيما هناك كم هائل من القضايا والأمور التي تفرق بينهما، وعندما يصف الملا خامنئي شعبه بالعدو له ولنظامه فإننا نجد أنفسنا مضطرين للاعتراف بأنه قال الحق، ذلك أن هذا الوصف في محله تماما، إذ إن هناك في إي ان ومنذ استيلاء التيار الديني المتطرف على مقاليد الحكم ومصادرة الثورة الإيرانية، جبهتين، الأولى تضم النظام وجلاوزته وأدواته القمعية، أما الثانية فتضم الشعب وقواه التحررية الوطنية وفي مقدمتها منظمة مجاهدي خلق. “الحوار”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية