العدد 3442
الأحد 18 مارس 2018
banner
“الهند أم العجايب”
الأحد 18 مارس 2018

تضرب الهند نموذجا رائعا في استخدامها الإعلام التنموي، الذي يهدف إلى إصلاح الدولة تماشيا مع خطط تقرها الحكومة تلمس أهدافا سياسية واجتماعية وثقافية، كما يظهر ذلك جليا في السلوك العام للشعب الهندي، حيث تجد أكثر الأسر الهندية اكتفت بطفل واحد أو اثنين كحد أقصى، تماشيا مع حملات دعائية كانت الحكومة قد كثفتها منذ الثمانينات من القرن الماضي، وكوني أحمل فضولا صحافيا يغلب على أسئلتي وحواراتي في كل حين، أجدني كثيرا أميل للتأكد من معلومات أقرأها عن دول قد أكون لم أطأها قط، وللهند نصيب كبير في مخيلتي، لذا أتلهف للحديث مع النساء الهنديات اللاتي أصادفهن في المحلات التجارية أو صالونات التجميل أو حتى العاملات في مهن بسيطة كالتنظيف وغيره ممن أراهن في أيامي المعتادة ودون سابق ترتيب.

وتبين لي من خلال لقاءاتي أن لدى المرأة الهندية قناعة تامة بإنجاب طفل واحد لا أكثر، حيث اتفقت الأغلبية على أن أولئك ممن يجازفون وينجبون آخر قد عرضوا هذه الثمرة إلى مستقبل غير آمن ومجهول لطفلين قد لا يستطيع الأبوان أن يشيدا لهما حياة كريمة ولائقة، وهو ما أراه من - وجهة نظري - مخالفا لفطرة البشر في البقاء والتناسل، الغريب في الأمر أنهن يدافعن عن نفس الفكرة بشراسة، رغم أن هذه الفكرة كانت عنوانا رئيسيا في خطة الهند التنموية في نهاية القرن المنصرم وروج لها الإعلام الهندي حتى أصبحت كالعقيدة.

من أهداف الإعلام التنموي كذلك، الحفاظ على الهوية الوطنية للدول أمام أي انفتاح وتحرر، وأجد الهند أيضا مثالا يحتذى به في هذا الأمر، فاللباس الهندي التقليدي صامد أمام المتغيرات والانفتاح، والمرأة الهندية تزهو بلباسها في الجامعات والمدارس والأفلام السينمائية البوليودية والدراما، حتى الجالية الهندية الكادحة في الخارج ترى النساء قد ارتدين لباسهن وزهون به في الأسواق والشوارع دون خشية تميز أو تهافت على خط موضة زائف تصدره لهن العولمة في أبسط ملامحها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية