+A
A-

وافد جديد على الشارع الموريتاني

بدأت منذ سنوات قليلة تنتشر في شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط، ظاهرة المقاهي العربية، الوافد الجديد على سكان المدينة القادم من المشرق، والذي لم تعهده ثقافة المجتمع الموريتاني من قبل.

فقد اعتاد الموريتانيون  احتساء الشاي بكؤوسه الثلاثة، وجلساته التقليدية التي تصاحبها في الغالب ندوة شعرية يتبارى من خلالها الحاضرون على حفظ الشعر.

لكن المقاهي دخلت الخط لتزاحم الشاي في جمهوره الذي توحد به ردحا من الزمن بلا منازع، وظهرت الجلسات المسائية على كراسي القهوة، التي باتت تستهوي الشباب الموريتاني وبالخصوص الدارسين منه خارج الدولة، الذين يرون حرية في فضاء القهوة أكثر من جلسات الشاي التي في العادة لا تخلو من مجالس الكبار.

وبات عدد المقاهي يتزايد يوما بعد وأصبحت شوارع المدينة تفوح منها رائحة القهوة والشيشة، وتتعالى أصوات تجمع خليط من اللهجة "الحسانية" و اللهجات العربية الأخرى. مظهر لم يكن مألوفا لدى سكان نواكشوط في السابق.

ففي نواكشوط كما في غيرها من المدن تصبح المقاهي فضاء حرا للنقاش وتبادل الآراء حول مختلف القضايا التي تهم رواد هذه المقاهي، وإن كانت الموضوعات السياسية تأخذ نصيب  الأسد في النقاش،  لكن ذلك لا يعني غياب موضوعات أخرى ذات صبغة اجتماعية أو فكرية.

هذا المظهر الحضاري، لقي معارضة كبيرة من محبي مجالس الشاي، الذين يرون فيه تهديد حول مصير مشروبهم المدلل وطقوسه وتقاليده، بعد هجرة بعض الشباب لجلساته الخاصة في المنازل، والإدمان على القهوة بأجوائها الخاصة والجديدة.

فيما قابله ترحيب من قبل الشاب الموريتاني التائق إلى الحرية في فضاء مفتوح خال من القيود الاجتماعية، التي لا يخلو منها مجلس الشاي.

وبين الترحيب والانتقاد تبقى القهوة محدودة الانتشار، حيث لم تتجاوز بعد العاصمة نواكشوط، ويرى المواطن البسيط أنها عاجزة عن منافسة جلسات الشاي التقليدية التي تتماشى أكثر مع طبيعة الإنسان الموريتاني.