العدد 3449
الأحد 25 مارس 2018
banner
“ست الحبايب... يا حبيبه”
الأحد 25 مارس 2018

شدتني كثيرا صورة نشرت احتفالا بيوم الأم، تظهر فيها جدة يحيطها الأبناء والأحفاد، كانوا مطأطئي الرأس، مغيبين أمام هواتفهم الذكية، فيما تجلس هي وحيدة مدهوشة مما يجري حولها، فلا هم يتواصلون معها ومع بعضهم البعض، ولا هم “مفارقين ومخلينها ترتاح”!
الصورة تختصر الكثير من المشهد اليومي حولنا، فالأفراد أصبحوا أكثر ارتباطا بهواتفهم النقالة مما مضى، أذكر حالة الضياع التي وصفتها لي إحدى قريباتي عندما انتهت بطارية هاتفها لتعلن 30 دقيقة من “الحوسة” اللامتناهية، فهي لم تستطع الوصول للمكان المراد دون “قوقل ماب” كما أنها أضاعت الكثير من جدول أعمالها دون “الريمايندر” وانتهى الأمر ببقائها وحيدة دون مهاتفة صديقاتها الحقيقيات أو اللاتي يختبئن خلف الشاشة تحت أسماء مستعارة في برامج “إنستغرام” و”تويتر” و”سناب” و”فيس بوك”.
أثار حديثها حفيظة كبيرة في نفسي على شكل الصراع، بين تأييد لاحتياجنا الكامل لمثل هذا التطور التكنولوجي الكبير الذي أسهم في ربطنا بالعالم بأسره في اللحظة نفسها، وبين إنكار لما وصلنا له من إدمان يتضح  في ارتباطنا غير المبرر بجهاز ملتصق بأيدينا طوال 24 ساعة، هذا الجهاز الذي سمح لنا بنشر صور أمهاتنا وآبائنا وتحتها أجمل الأبيات معلنين بذلك “برا إلكترونيا” من نوع جديد، يختصر علينا مسافات ومشاعر حقيقية باتت غائبة في عصر السرعة والإنترنت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .