العدد 3607
الخميس 30 أغسطس 2018
banner
العلاج النفسي ليس عارا أو عيبا
الخميس 30 أغسطس 2018

ها نحن نقف حيث وقف ربما أجدادنا منذ عشرات السنين، رغم ما نلنا من علم ومعرفة، ورغم انغماسنا في الحياة التكنولوجية، فمازلنا نملك أفكارهم وربما نفس هواجسهم، فالبعض منا لا يزال يتوارى خلف الأبواب، ينكر حاجته إلى العلاج النفسي، رغم معاناته الشخصية، ورغم المرارة التي يتجرعها أقرب الناس إليه.

عندما جأرت بالشكوى بعد أن نفد صبرها، وتعرضت لرضوض وكسور في جسدها، لم تجد حلاً غير أن تعترف لأهلها بأن زوجها الذي قضى فترة محكوميته وراء القضبان، خرج بعاهات نفسية قلبت حياتهم رأساً على عقب، فلا يتوانى عن تعذيبها جسدياً ونفسياً! هي تُدرك التغير المفاجئ لحياته، والظروف التي عايشها، فهي من وقفت تشد من أزره وترفع معنوياته، وحتى هو، كان يعدها بحياة أفضل بعد أن يغادر زنزانته، وأخذ يمنيها بتعويضها عن كل لحظة عاشتها من غيره، وتحملها مسؤولية أطفالهما من دونه، إلا أنه خرج من سجنه ليرمي جام غضبه على شريكة حياته.

المشكلة ليست بالإصابة بالأمراض النفسية، المشكلة في إنكار الحاجة إلى العلاج، ورفض حتى زيارة الأخصائي النفسي أو فكرة الخضوع للعلاج، فيتعذب نفسياً، ويعذب من حوله وخصوصاً أقرب الناس إليه، من زوجة أو أم أو أخت وباقي أفراد الأسرة، واعتبار كل من ينصحه بالعلاج عدوا عليه محاربته، إن لم يكن جسدياً فنفسياً، كالتهديد المستمر بالزواج الثاني أو حرمان الزوجة من أبنائها.

الأمراض النفسية شأنها شأن الأمراض الجسدية إن لم تضع لها حدا بالعلاج منذ البداية، فإنها تتطور، وتتعقد وتستفحل ويكون حينها العلاج أصعب إذا جرت وراءها أمراضا أخرى، هذا إن لم تكن أخطر من الأمراض الجسدية، لأنها تتسبب بالإصابة بالأمراض العضوية، وعلاجها حينها يكون أكثر تعقيداً، وتتطلب صبرا وإرادة.

كلنا معرضون لانتكاسات نفسية في محطة من محطات حياتنا، قد يرتقي البعض منها للأمراض النفسية، وقد تقف عند الأزمات المرتبطة بانحناءات ظروف الحياة وتقلباتها بين المد والجزر، وعلينا أن نكون أكثر تقبلاً لفكرة الخضوع للعلاج النفسي، الذي هو اليوم سمة من سمات الإنسان المتحضر، فاليوم لكل أسرة في الدول الغربية أخصائي نفسي، تماماً كما للأسرة طبيب عائلة يلجأون إليه حال الإحساس بالمرض، فالعلاج مهما كان نوعه ليس عارا ولا عيبا.

ياسمينة:

العلاج النفسي شأنه شأن علاج الأمراض الجسمية الأخرى، ولا داعي للإحساس بالخجل منه كما لو كان عيبا أو عارا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .