العدد 3608
الجمعة 31 أغسطس 2018
banner
النواب الإسلاميون.. أعوذ بالله من المثقفين والفنانين
الجمعة 31 أغسطس 2018

إذا ألقينا نظرة عميقة الغور على واقع الجمعيات الإسلامية السياسية، سنجد أنها تهتم بالمنافع على حساب العمل الوطني الحقيقي، آيديولوجيات وشعارات رنانة ومخططات وتعبئة جماهيرية وكل ذلك من أجل الوصول إلى البرلمان، وهنا ينبثق السؤال الكبير: ماذا فعل النواب المنتمون إلى جمعيات إسلامية في البرلمان طوال السنوات الماضية؟ ماذا قدموا لحياة البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولعلي أركز على “الثقافية” لأنهم معروفون بمحاربة الثقافة في البدن والروح والنفس والقلب والحياة، وصفحات التاريخ سجلت مواقفهم المعادية للثقافة والمثقفين وأياديهم لم ترفع في جلسات البرلمان إلا لمعارضة المشاريع الثقافية والفنية وتعمد تعطيلها ولو كان في وسعهم لأغلقوا فم المثقف والفنان.

وجود نواب إسلاميين يحاربون الثقافة والفن أشبه بالقيود والأغلال في مسيرتنا الديمقراطية، بل يمثلون خطرا على الثقافة والمعرفة النافعة بصورة عامة، قبل قرن من الزمان دخل مصطلح “إسلامي” بمزالق السياسة ومتاهاتها وصاح: أعوذ بالله من المثقفين والفنانين، وهاهم اليوم نوابنا الإسلاميون يطلقون الصيحة نفسها ويحاربون النشاط الفكري “سينما، تشكيل، شعر، رواية، مسرح، أغنية، كتاب، دراما”، ويحفرون الخنادق أمام أي مشروع ثقافي فني يطرح في البرلمان من قبل النواب الآخرين المتعاطفين مع المثقفين والأدباء وهم أيضا نواب قلة لا يتعدون أصابع اليد الواحدة.

شيئان يلفتانك في جلسات البرلمان عندنا، الأول ندرة طرح المشاريع الثقافية ودعم وتشجيع المبادرات الإبداعية والثقافية والمهرجانات الثقافية الإبداعية المتنوعة، والثاني وقوف النواب الإسلاميين حجر عثرة في طريق أي مشروع ثقافي يطرح “لو بالغلط”، ليس تجنيا، إنما هذا هو الواقع والحقيقة من الداخل والخارج، النواب الإسلاميون لا يريدون التطور في الإنتاج الثقافي والفكري وكأنهم لا يرون ضخامة عدد الشعراء والروائيين والممثلين والنقاد والتشكيليين والمصورين والمسرحيين من أبناء هذا الوطن الغالي، لهذا من الضروري الانتباه إلى هذه الإشكالية الخطيرة وإيقاف المد الذي يريد للثقافة الجفاف والموت، من الضروري خلق توازن جديد يعيد للثقافة والفنون الهيبة داخل جلسات البرلمان بعدما أصبحت يتيمة بسبب النواب الإسلاميين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .