+A
A-

أهل إدلب يترقبون.. النظام يمنع خروجهم وتركيا تسد الحدود

فيما لا يزال القصف الجوي مستمراً على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، تواصل المنظمات الحقوقية العاملة في المنطقة دعواتها لتوفير ممرات آمنة للمدنيين، وسط أجواء ترقب وتخوف يعيشها سكان المحافظة التي باتت بين فكي كماشة، ما بين النظام من جهة وتركيا من جهة أخرى.

ففي أجواء القصف المستمر حتى الساعة، يعيش أهالي إدلب مخاطر كبيرة تعيق هروبهم من المدينة، بالإضافة لأزماتٍ معيشية أخرى منها قلّة المواد الغذائية ومياه الشرب والمحروقات والخدمات الطبّية وغيرها.

وفي هذا السياق، أكد الصحافي حازم داكل، الذي يراقب الوضع في المدينة عن كثب لـ"العربية.نت، أن "الوضع في إدلب غير واضح تماماً والأهالي خائفون، هناك سلطة أمر واقع تمثّلها هيئة تحرير الشام (تنظيم جبهة النصرة سابقاً) وهي من تحدد قرار السلم والحرب، في ما يراهن البعض الآخر على تركيا لخلاصهم من هول العملية العسكرية المرتقبة".

ووفقاً لداكل، فإن "النظام يمنع الأهالي من مغادرة المدينة، لإرسالهم لاحقاً إلى المخيمات بغية دعم موقفه في الحرب التي يخوضها".

ويتوافق ذلك مع تصريحات سابقة لسفير النظام السوري في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الذي قال الجمعة في مجلس الأمن، إن حكومته تخطط لإجلاء المدنيين من مناطق القتال، كما حدث في الماضي في حلب أو الغوطة الشرقية ، في إشارة إلى ما أسمته المعارضة السورية آنذاك "عمليات التهجير القصري التي جرت سابقاً وفي أكثر من منطقة".

تركيا تغلق الحدود

وأردف في حديثه قائلاً: "تركيا أغلقت حدودها بالكامل ونقاط مراقبتها تمنع تسلل الأهالي نحو الحدود، ولو ازداد التصعيد العسكري للنظام أكثر، سنكون أمام كارثة حقيقية، حيث هناك ملايين المدنيين في تلك المناطق جلّهم من المهجرين القادمين من مناطق أخرى قسراً".

كما لفت إلى أن "محاولة النظام السيطرة على بلدة جسر الشغور، تأتي بهدف حماية الساحل السوري في المستقبل، بالإضافة لوجود جماعات تركستانية وشيشانية في المنطقة، ولكن هذا لا يُعد مبرراً لقصفها، خاصة وأن لا خيارات لدى سكانها وهم لا يستطيعون منعهم من السيطرة على مناطقهم أو طردهم منها".

أوضاع معيشية صعبة

من جهته، قال الصحافي شادي السيد وهو من أهالي ريف إدلب من الحدود التركية السورية للعربية.نت، إن "الأوضاع المعيشية في المدينة صعبة للغاية وبالرغم من وجود طرق بديلة للحصول على الكهرباء ومياه الشرب من خلال المولدات والمحركات، إلا أن الناس يعانون من تأمين المحروقات اللازمة لتلك الآلات، وبالتالي هم مرغمون للحصول على المياه عبر صهاريج تكلفهم الكثير من المال، وهي غير متوفرة لهم بشكلٍ دائم، بينما بالنسبة للكهرباء، فهي أيضاً مكلفة خاصة بعد انقطاع شبكة كهرباء الدولة عن المدينة وريفها".

وأضاف "في ما يتعلق بوسائل الاتصالات، فالناس هنا يعتمدون على شركاتٍ تركية لقرب المدينة وريفها من الحدود"، لافتاً إلى أن "هناك تخوفا كبيرا من الأهالي من تصعيد الهجوم العسكري، الأمر الذي أرغم بعضهم على التوجه لمناطق حدودية مع تركيا في ظروف سيئة دون أن تسمح السلطات التركية لهم بالمرور إلى الجانب الآخر من الحدود".

وأشار إلى أن "تركيا سمحت فقط بمرور الجرحى من المدنيين عبر معبر" باب الهوى" الحدودي بعد مقتل العشرات منهم في غاراتٍ شنها الطيران الروسي خلال الساعات الأخيرة".

وبحسب السيد، فإن "الجرحى والمرضى يعانون من فقدان الأدوية والرعاية الطبية نتيجة الإمكانيات المحدودة للمشافي الميدانية".

يأتي هذا في ظل فشل قمة طهران الثلاثية الجمعة في التوصل لأي اتفاق قد يقي إدلب "الكأس المر"، والكارثة الإنسانية التي حذر منها أكثر من طرف دولي.

يذكر أن إدلب وريفها تعد من مناطق خفض التصعيد العسكري وفق اتفاق أستانا الّذي تمّ في شهرِ أيار/مايو من العام 2017، وبموجبه آنذاك، نُشرت عشرات نقاط المراقبة التركية في المنطقة بشكلٍ رسمي.

وطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الالتزام بمبادئ اتفاق أستانا، مشيراً إلى أهميته في إيجاد حلٍ سياسي دائم للأزمة السورية.

وقال في تغريدات له على موقعِ "تويتر" الجمعة: "إذا غض العالم الطرف عن قتل عشرات الآلاف من الأبرياء لتعزيز مصالح النظام، فلن نقف موقف المتفرج ولن نشارك في مثل هذه اللعبة".

وتأتي الغارات الروسية الجوية والتي تعد الأعنف منذ يوم الجمعة، بعد إعلان دمشق مع حليفتها موسكو عن نيتها شنِ هجوم واسع على المنطقة بهدف استعادتها من جديد بعد سيطرة المعارضة السورية المسلحة عليها قبل سنوات مع تخوف الأهالي المكرر من دخول بري محتمل لقوات النظام السوري.