العدد 3620
الأربعاء 12 سبتمبر 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
في موسم الشائعات!
الأربعاء 12 سبتمبر 2018

ما فتئ ديننا الإسلامي يؤكد على التحقق من كل لفظ وقول؛ فمنذ بدايات الدعوة النبوية، والرسول (ص) يعلمنا ألا نجهر بقول لا نعرف له مصدرا، وألا نرمي المحصنين والمحصنات دون حجة ظاهرة أو بيّنة، وغلّظ العقوبات الناجمة عن القذف والقذع، وبعد 1400 سنة وتزيد، وبعد كتب التربية الإسلامية في المدارس والجامعات، وبعد “صياحات” المساجد وخطب الجمعات؛ لا أرانا إلا مرتدين في هذا السياق!

نحن أمة تُحب القصص والأخبار، وتراقب المَشاهد، فإن نقص مشهد أضافت إليه، وعدّلته أو بهرجته أو شوّهته – إذا أرادتْ – بمزاجها و”على كيف كيفها”، وحيث تدور رحاها! ولا يحلو لها ذلك إلا حين تنتعش الصراعات؛ الاجتماعية أو السياسية غالبًا! ونظرا إلى أن الناس فيما يعشقون مذاهب وملل ونحل، وطوائف وجماعات؛ فإن ما سيدور من مَشاهد؛ لن يتعدى ما يتناسب مع هواها؛ تزيّنه، وتكحله، وتُلبسه الحِلي والحرير! وما عداه؛ مما لا يوافقها؛ ترميه إلى قعر جهنم، بقبيح الفعل، وغليظ القول!

هذه المَشاهد المعدّلة أو المشوّهة هي ما يُعرف بالشائعة أو الإشاعة، وهي – في كل الأحوال – لا تمثل الحقيقة الأصلية، أو الخبر الفعلي، بل هي ما يزيد عليه، أو ينقص، أو يُكيّف حسب المصلحة المُرادة، فترى الخبر – إِنْ كان صحافيًا أو “واتسبيًا” مثلا – غير واضح المعالم، ومنقوص المعلومات، أو ينشر أخبارًا قديمة لا تمت للتاريخ أو المرحلة الزمنية الحالية بِصِلةٍ، ويقدمه بوصفه حديثًا! أو تراه يُرّوج لشخصية ما، ويربط بها مجموعة من الإنجازات التي تُخرجها في صورة البطل، وينتهي الأمر بتداول هذا الخبر أو ذاك في كل القنوات الإعلامية، وهو ما يؤدي إلى تشويش المعلومة الأصلية، ومن ثم؛ تضليل الجمهور!

وماذا بعد التضليل!؟ هل ستسمحون لأنفسكم أن تكونوا مجرد متلقين، يتم التلاعب بعقولكم، فتستقبلون الأخبار بوصفها حقائق! وتَكُوْنون أداة طيّعة ليّنة لهؤلاء المضللين! ماذا سيكون دورك (أنت) من هذا كله؟ هناك كتاب جميل اسمه (الشائعات الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم)، يقول صاحبه إن أصحاب الشائعة يلعبون أدوارًا مختلفة، منها: “المُحرِّض” الذي يُمثل المثير، أي مُبتكر الشائعة، ومنها “المُترجم” الذي يشرح تفاصيلها، وهناك “المُنعش” الذي يسعى لجعل الشائعة طازجة على الدوام، وكذلك “المُغازل” الذي يلهو بالرأي أو الفكرة، ومنهم “القائد” الذي يتبناها ويُوجِّه الناس إليها، وأخيرا “المقاوم” الذي يحارب الشائعات التي لا تكتمل عناصرها أو حُججها، ويحاول التحقق منها. فما هو دورك أنت؟ اعترف أنك تتأرجح بينها جميعها!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية