العدد 3625
الإثنين 17 سبتمبر 2018
banner
توجيهات القيادة تسمو.. وأصوات التأجيج تخرس
الإثنين 17 سبتمبر 2018

من الأشياء الجميلة التي نراها في أحاديث الناس تلك الروح الطيبة المتسامحة التي يتميز بها المجتمع البحريني التي ترفض الأفكار أو الممارسات التي تثير الضغائن والأحقاد وتسبب الفتنة أو الخلافات، والأجمل أن تجد الكثيرين يمتثلون لتوجيهات قيادة البلاد الرشيدة حفظها الله، في لم الشمل ومد جسور التلاقي وتقوية الصف والوحدة الوطنية، فهذا هو الامتثال الحقيقي الذي على ما يبدو حتى الآن، لم يفهمه بعض من يثيرون في خطبهم ومقالاتهم وحسابات التواصل الاجتماعي البضائع الطائفية الرخيصة، ولا يخرجون من إطار التأجيج ومخالفة التوجيهات السامية وكأنهم حصروا أنفسهم فقط في السيئ من القول والسيئ من المشاعر والسيئ من الكتابات!

وفي الواقع، تشعر بالراحة والتفاؤل حينما تكتب فكرة يتفاعل معها القراء ويتصلون أو يرسلون تعليقاتهم وآراءهم تجاه ما كتبت، أو يتحدثون معك ويناقشونك حينما تلتقي بهم، وفي مقال يوم الأحد الماضي بعنوان: “سمو رئيس الوزراء يحتفي بصناع السلام”، تلقيت بعض التجاوب الجميل من بعض الأخوة والأخوات الذين يدعمون ويساندون البرامج الوطنية والاجتماعية والثقافية التي ترسخ معاني التسامح والسلام والتعايش، بل ويتمنون أن تتوالى المبادرات والأنشطة التي تنضوي تحت هذه المعاني لحاجة المجتمع البحريني، بكل فئاته ومكوناته، إلى اللقاء الطيب والعلاقات المتينة بين أبناء الوطن، وهم بالتالي، يرفضون أية منتجات أو كتابات سواء في الإعلام أم الصحافة أو المواقع والحسابات الإلكترونية التي لا هم لها سوى تقديم الصور السوداوية والأفكار المسببة للإحباط والألم.

لننظر اليوم مثلًا إلى بعض المقاطع أو الكلمات التي يقدمها بعض المشاهير أو الفنانين أو أي بحريني مخلص في وسائل التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام أو تويتر أو فيس بوك وغيرها، وكيف يتفاعل الناس مع الكلام النافع الذي يدعو فيه أصحابه إلى التواصل بين أبناء البلد والمشاركة مع بعضهم البعض في المناسبات ويصرحون بشكل واضح بضرورة رفض أفكار من يحاول زراعة البغضاء والدسائس والأحقاد بين الأخوة، فكما رأينا في فترة من الفترات أن مواقع عديدة في التواصل الاجتماعي كانت تعمل ليل نهار على إثارة الطائفية والتطرف والتشدد والتكفير، وبعضها يستهدف أمن وسلامة الوطن، وبعضها الآخر يستهدف الرموز والشخصيات، حتى أن البعض لم يقف عند حد في الإساءة والتشهير بمواطنين، وأولئك خفافيش الظلام مختبئون وراء أسماء مستعارة وحسابات مجهولة، لكن وجدوا من يتناغم معهم في أفكارهم، وفي نفس الوقت وجدوا من يرفض أفكارهم ويحذر الناس منها، ذلك لأن مثل هذه الممارسات السيئة، ومنها بعض الكتابات التي نقرأها في بعض المقالات، لا تخرج عن إطار التحريض ونشر التناحر وهو الأمر الذي لا يمكن أن يصمد وينجح في بلد اسمه البحرين عُرف منذ القدم بأنه لا يفرط في وحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي بل وطالبوا ولا يزالون يطالبون الناس والمؤسسات الأهلية والحكومية بمواجهة ومساءلة من يقوم بهذا الفعل الذي يجرمه القانون، ومتابعة من يمارس هذه الأفعال كونها تدخل في إطار التحريض الإعلامي المضر بقيم التسامح والتعايش والسلام، وهؤلاء إذا لم يوقفهم القانون، فإنهم يواصلون مسعاهم الخبيث ويتمادون.

إن القانون في البلد، يضمن حقوق المواطنين في ممارسة معتقداتهم الدينية وإبداء آرائهم وأفكارهم التي يؤمنون بها على ألا تسيء لسلامة المجتمع وللوحدة الوطنية، أي ألا تخالف القانون، فالدستور ضمانة لهذه الحقوق التي ننعم بها في بلادنا الطيبة، ثم أن من يعتقد أنه يخدم الوطن بسوق الأفكار والكتابات المهددة للسلم الاجتماعي إنما هو يخادع نفسه أو يسعى لمصالح شخصية ضيقة، في حين أن المصلحة الأولى والأعلى هي مصلحة الوطن، وهو ما يجب أن تقوم بها المؤسسات الرسمية والأهلية والخطباء لتبني الخطاب الوطني الوسطي الهادف البناء والمقبول من الجميع، وهو المنهج الذي رسمته لنا قيادتنا حفظها الله، ولا ندري كيف يستسيغ البعض مخالفة منهج القيادة؟ ولا نعلم كيف يتحدث بعضهم عن البحرين كنموذج فريد في التسامح والتنوع، ويمتلك تراثًا من القيم الحضارية، ثم نجد في أفكارهم ما يخالف ذلك كله؟ والأمر الباعث على الاستهجان هو أن بعضهم يضرب تارة ويطبطب تارة بعبارات الألفة والمودة بين مكونات المجتمع! فكيف يستقيم هذا الأمر؟

كثيرًا ما نكرّر جميعًا باعتزاز أن البحرين هي بلد التنوع الحضاري الذي يحتذى به، وهذا ما توارثناه من شيوخنا وقيادتنا وحكامنا وآبائنا وأجدادنا، ومنذ القدم والبحرين فيها مساجد الطائفتين الكريمتين وفيها المآتم وفيها المؤسسات الدينية وفيها المجال الواسع لأصحاب مختلف الديانات في كنائسهم ومعابدهم، ولهم جمعياتهم ومنتدياتهم، أليس هذا هو ما يجعل البحرين وأهلها في التفاف عريق حول قيادتها وحول بعضهم البعض؟ أليس هذا هو الحصن القوي لنبذ الفرقة والخلافات وإخراس أبواق الفتنة والتأليب والتأزيم؟ ونقول لكل من يستهدف الوحدة الوطنية وتكاتف أبناء البلد أن هذا المسعى خائب لا محالة، وكل النار الحاقدة ستنطفئ لأن من يعتاش على الفتنة وأساسها الشيطاني البغيض ما هو إلا عدو لوطنه ولا يعرف قدسية الوطن.

إننا في أمسِّ الحاجة اليوم لنشر الأجواء المزيلة لأي حزازيات أو احتقان أو صراع أيًّا كانت دوافعه وأشكاله، فالعيش المشترك والتفرغ لنهضة الوطن وعلوه هو ما يجب أن نسعى إليه كما يوصينا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وكما يغرسه فيها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر أطال الله عمره، من معانٍ وطنية سامية نستمدها من سيرة سموه، وكما نستلهم من أفكار وجهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء في برامجه التي تنهض بحاضر ومستقبل البلد، فسمات البحرين المبنية على الوسطية والاعتدال وسواسية المواطنين أمام القانون في حقوقهم وواجباتهم، ورصيد هذا الوطن الحضاري وتعدد أطيافه منابعه ونهجه الذي لا يفرّق بين الأديان والأعراق والأجناس، كل ذلك مسئولية كبيرة يلزم أن نحملها بكل أمانة وصدق ونربي الأجيال عليها، وعملية التوافق ومواصلة النهج الإصلاحي مستمرة بعون الله وتوفيقه، فلسنا في حاجة إلى المثبطين والمؤزّمين أيًّا كانوا، بل نحتاج لكل السواعد البحرينية التي تعلي شأن بلادنا الغالية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية