العدد 3633
الثلاثاء 25 سبتمبر 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
النزف بلا أصابع مستعارة
الثلاثاء 25 سبتمبر 2018

لا أعلم لماذا تستاء بعض الوزارات من النقد الذي أراه مخمليا وإن كان أحيانا موجعا، وكثيرا ما يوضع في إطار نظرية “اللعب بالأذيال” الكتابية، أو القصد منه إلقاء الزيت الحارق على “منجزات” أي وزارة.

نظريتي في الكتابة أن أحرق البخور لإنجاز أي وزارة، وفي ذات الوقت أعلن الصرخة المدوية أمام بوابة أي وزارة لإيصال صوت المواطن البحريني.

تعلمنا من المشروع الإصلاحي أن نكون وسطيين، وأن نتزوج الحرية كما هو مصطلح نزار قباني في ديوانه “تزوجتك أيتها الحرية” .

لو سألنا أنفسنا لماذا تم تأسيس ديوان الرقابة المالية والإدارية لعرفنا هذه الثقافة التفكيكية التي طرحها الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو.

الهدف من صرخات الجرح هو تفكيك ثقافة الوزارة، ثم إعادة تركيبها لتتماشى مع الإصلاح.

أنا لم أوفر وزارة في المدح وأيضا في النقد، وحروف الصحافة لا تنتقد الشخوص، ولا تبحث عن شخصنة النقد، ولا تنتظر مدحا أو ذما، فطبيعة أي وزارة كالطبيعة البشرية يتغير مزاجها كتغير طقس مدريدي في علاقته مع الشمس والمطر.

لا يمكننا أن نفرش لوزارة العمل سجادا أحمر، ونوزع ابتسامات الرضا، ونحن نلحظ كيف يتم التعاطي مع العاطلين بصورة فوقية، ونرجسية عندما يقومون بمراجعة الوزارة وكيف يخرجون بأكياس ملء بالوعود والعبارة الشهيرة “راح نتصل بكم”.

سياسة “البهدلة” لا تليق بمواطنين يبست أفئدتهم من الانتظار، ووعود السراب.

أتمنى من الوزارة استقبال المراجعين بطريقة حضارية، وبأسلوب راق، فهولاء مواطنون لهم الحق في التوظيف، ويكفل لهم الدستور ذلك، وعندما نرى حضارة الاستقبال والتوظيف سوف نفتح نافذة الصحافة ونرش ماء الورد على محيا الوزارة شاكرين لها ذلك. أما أن يراد منا أن نقيم الأعراس لأرقام غير حقيقية من أرقام مفبركة يراد منها الاستهلاك اليومي، وإيصال رسالة للدولة أن لا عاطلين، وأن سنويا يتم توظيف الآلاف، فهذه دعاية لا يمكن أن ندخل فيها، وإذا كُنتُم تصرون على ذلك، نتمنى أن تنشروا في الصحافة أسماء من تم توظيفهم مع نوعية شهاداتهم، وأماكن توظيفهم مع الأرقام الشخصية، وأنا وزملائي في الصحافة على استعداد للبحث عنها ومعرفة مدى مطابقتها للواقع اسما اسما.

إن الثقافة “ملائكية” أي وزارة كما يروج لها رؤساء العلاقات العامة لكل وزارة هي أساس تورط أي وزارة مع اهتزاز المصداقية في عين الناس.

فَلَو أن كل وزارة توضح في الصحافة مواضع إنجازاتها، وأماكن إخفاقاتها لأصبحنا في واقع ربيعي جميل. المشروع الإصلاحي ناجح بامتياز، لكننا يتقصنا المدافعون الذين يجيدون فن توصيل الإنجازات للشارع العام وحتى خارجيا. الإعلام ضعيف، وقائم على نظرية “اليانصيب”، وليس بإستراتيجية بعيدة المدى.

أقول لوزارة العمل: كما قامت الصحافة بمناقشة وزارة المالية بلا رتوش، ولا أصابع مستعارة ولا وجوه شمعية، وكما ناقشت وزارة التربية والتعليم في ملف خريجي جامعات الصين وإقحام ملفهم في نار الاحتراق العبثي، وهيئة الكهرباء في رفع الفواتير الجنونية والاستعراض أمام الحكومة أنها الأكثر إيرادا من المالن ووزارة التجارة من رفع سجلاتها، فللصحافة حق مناقشتكم بموضوعية في الأرقام المفبركة من “توظيف” العاطلين.

ولكم الحق في الرد على الصحافة، وسنقوم بنشر كل ما تكتبونه في هذه الزاوية وزاوية كل صحافي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .