+A
A-

تراجع المخزون السمكي المحلي 90% وخبراء يقولون: تدق ناقوس الخطر

أثبتت دراسة حديثة أن المخزون السمكي المحلي في مملكة البحرين قد أصيب بتراجع حاد يقدر بحوالي 90% مقارنة بما كان عليه قبل سنوات قليلة، وأن المخزون المتبقي المقدر بحوالي 10% قابل للتراجع بشكل متسارع ما لم تتخذ إجراءات تنظيمية عاجلة للحد من الاستنزاف الذي تشهده ثروتنا البحرية.

وأرجعت الدراسة التي أعدها أحد الخبراء لصالح إدارة الثروة السمكية بوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، أرجعت أسباب الانخفاض الحاد الذي أصاب الثروة البحرية في غضون السنوات القليلة الماضية إلى العديد من العوامل، لكن أهمها قيام الصيادين من العمالة الوافدة بممارسات سلبية خاطئة من شأنها إلحاق الضرر بالبيئة البحرية ممثلة في عمليات الصيد بشباك الجر القاعية أو ما يطلق عليها باللهجة العامة (الكراف) التي تستخدم لصيد الربيان، فضلاً عن استخدام طرق صيد جائرة أخرى كشباك الهيالي والنايلون التي تستخدم لصيد الأسماك.

كما أشارت الدراسة إلى أن عدد رخص صيد الأسماك وصيد الربيان والبالغة مجتمعة في حدود 1700 رخصة يتم من خلالها مزاولة الصيد من قبل أكثر من 6400 صياد من العمالة الوافدة، هي أعداد تفوق الطاقة الاستيعابية بالنظر إلى ما تبقى من كميات الأسماك التي تشكل المخزون السمكي الحالي والذي لن يكون خلال المستقبل القريب قادراً على تلبية الطلب الاستهلاكي المتزايد على الأسماك بمختلف أنواعها، وهو ما سيمنع على المدى القريب من توافر تلك الأسماك لتعرض كسلع قابلة للبيع التجاري.

كما كشفت تلك الدراسة أن مملكة البحرين التي كانت تضم 80 نوعاً من الأسماك، قد سجلت انخفاضاً وهبوطاً حاداً في 76 صنفاً، بمعنى أن أربعة أصناف فقط من بين 80 صنفاً لا تزال في الحدود الآمنة، وأن ما يبرر الهبوط الحاد في الأصناف الأخرى هو أن الصيادين يمارسون عمليات الجر بالشباك القاعية (الكراف) بغرض اصطياد الربيان، فيعمدوا إلى تدمير قاع البحر بواسطة الجر، وبالتالي سحب جميع ما يصادفهم من أصناف أخرى لا يتم إرجاعها إلى البحر، وتعتبر في الوقت نفسه بمثابة مخلفات وصيد جانبي بغض النظر عن أحجامها، ناهيك عن استخدام طرق جائرة لصيد الأسماك كشباك الهيالي والنايلون المحظورة أساساً.

وحذرت الدراسة أنه في حال استمرار عمليات الجر القاعية فإن الأصناف الأربعة التي سجلت وفرة في كمياتها ستكون هي الأخرى مهددة بالهبوط الحاد، وأن الأسماك المستوردة ستكون هي البديل للأسماك المحلية الطازجة، ولذلك فقد أوصت الدراسة بسرعة اتخاذ الإجراءات التنظيمية التي تضمن حماية البيئة والثروة البحرية ومنها تفعيل أحكام المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2002 بشأن تنظيم صيد وحماية واستغلال الثروة البحرية، وقيام الحكومة بتشجيع وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين لتأسيس مشاريع الاستزراع السمكي بوصفه البديل الاقتصادي الناجح والذي سيضمن تحقيق التعافي لثروتنا البحرية الوطنية.

من جانبهم، أشاد عدد من الخبراء والمختصين بالثروة البحرية بموافقة مجلس الوزراء في جلسته الأسبوع الماضي على عدد من الإجراءات الهادفة إلى تنظيم المصائد السمكية وخفض مستويات جهد الصيد في البيئة البحرية وتطوير وتنمية الثروة البحرية عبر مجموعة من الإجراءات والقرارات التنفيذية للحيلولة دون تدهور المخزون السمكي بشكل أكبر بسبب استنزافه بالصيد الجائر، وموافقة المجلس كذلك على التوسع في مجال الاستزراع السمكي وتشجيع الاستثمار فيه باعتباره مورداً اقتصادياً وغذائياً.

وتعليقاً على الدراسة، فقد أشار الخبراء والمختصون إلى أن نتائج هذه الدراسة تعتبر بمثابة دق ناقوس الخطر المحدق والمهدد لأحد مخزوناتنا الغذائية الاستراتيجية الوطنية، وأنه يجب أخذ تلك النتائج على محمل الجد، وأخذ توصياتها في الوقت نفسه بعين الاعتبار لتكون موازية لتوجيهات مجلس الوزراء الموقر إلى وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني الهادفة إلى تصحيح وضع الثروة البحرية.

وأوضحوا أن المطلوب اليوم هو سرعة اتخاذ الإجراءات التنظيمية وتفعيل القانون وتعزيز عمليات الرقابة والتفتيش، وأن التأخر في اتخاذ تلك الإجراءات يعني أن المعالجة ستكون في المستقبل أصعب وذات تكلفة أعلى.