+A
A-

إطلاق سراح مشعلة شوارع باكستان غضباً.. وتوقع غليان جديد

أطلقت السلطات الباكستانية الأربعاء، سراح المواطنة المسيحية "آسيا بي بي"، بعد إلغاء المحكمة العليا في البلاد حكما ضدها بالإعدام وبرأتها من تهمة التجديف (ازدراء الأديان).

وغادرت آسيا أحد سجون مدينة ملتان وسط البلاد، حيث تم نقلها للعاصمة إسلام آباد على متن طائرة خاصة، ومنها توجهت إلى جهة غير محددة، وسط تعتيم إعلامي وإجراءات أمنية مشددة.

وأكد سيف الملوك، محامي آسيا بي بي، وأنتونيو تجاني رئيس البرلمان الأوروبي، إطلاق سراح آسيا ونقلها إلى مكان آمن، دون أن يتضح بعد ما إذا كانت ستبقى في باكستان أم سيسمح لها بمغادرة البلاد.

وذكر شهود عيان أن السلطات المحلية في مدينة ملتان وسط البلاد، فرضت إجراءات أمنية مشددة وأغلقت طريقا رئيسيا باتجاه مطار المدينة، بشكل مؤقت أثناء عملية نقل آسيا من السجن.

وقضت آسيا بي بي نحو ثماني سنوات في السجن، بعد أن قضت محكمة لاهور العليا بتثبيت تهمة التجديف ضدها وإقرار حكم الإعدام الصادر عن المحكمة الابتدائية ضدها، قبل أن يستأنف محاميها الحكم أمام المحكمة العليا في إسلام آباد.

وقد أصدرت المحكمة العليا في إسلام أباد حكمها يوم الأربعاء الماضي بإعلان براءة آسيا بي بي من تهمة التجديف وإلغاء عقوبة الإعدام ضدها وإطلاق سراحها، واستندت في قرارها إلى أن الادعاء قد فشل في إثبات تهمة التجديف ضد المتهمة بشكل لا يقبل الشك.

وجاء الإفراج عن آسيا بي بي من السجن بعد ساعات من تصريح وزير الدولة للشؤون الداخلية شهريار آفريدي بأن وزارته لن تضع اسم آسيا بي بي على قائمة الممنوعين من السفر، ما لم تثبت إدانتها بارتكاب جريمة، وما لم تتلق أمرا قضائياً من المحكمة بذلك.

وكان زوج آسيا قد طالب دولا غربية بمنحه وأسرته ومقربين منها، حق اللجوء في ظل المخاوف بشأن سلامتهم، كما أن محاميها قد غادر البلاد إلى خارج باكستان، بسبب ما قال إنها تهديدات ضد حياته.

وكان قرار المحكمة العليا تبرئة آسيا بي بي أثار احتجاجات ومظاهرات من قبل الأحزاب والجماعات الدينية، حيث شلت الاحتجاجات مظاهر الحياة اليومية في العديد من المدن، إضافة لإغلاق العديد من الطرق الرئيسية. وطالب المحتجون الغاضبون بإلغاء قرار المحكمة العليا وإعدام آسيا بي بي، وكذلك إعدام قضاة المحكمة الذين أصدروا قرار براءتها، بل دعوا كذلك إلى الإطاحة بقائد الجيش الباكستاني.

كما تخلل الاحتجاجات أعمال شغب، أسفرت عن إصابة العشرات من قوات الشرطة، إضافة إلى إلحاق أضرار مادية في الممتلكات العامة والخاصة، قبل أن تتوصل الحكومة إلى اتفاق مع قادة أبرز الجماعات المحتجة ليل الجمعة الماضية لإنهاء الاحتجاجات.

اتفاق يضمن عدم مغادرتها البلاد

وتضمن الاتفاق اتخاذ الحكومة إجراءات فورية لوضع اسم المواطنة المسيحية آسيا بي بي على قائمة الممنوعين من السفر، وعدم اعتراضها على الطعون ضد الحكم الصادر عن المحكمة العليا، والإفراج عن جميع المعتقلين خلال الاحتجاجات.

في المقابل، أثار الاتفاق ردود فعل متباينة بعضها مرحب بإنهاء الاحتجاجات وعدم الصدام الدامي مع المحتجين، وأخرى منددة في صفوف المعارضة ونشطاء المجتمع المدني الذي اعتبروه بمثابة استسلام ورضوخ.

وقد دافعت الحكومة عن قرارها على لسان وزير الإعلام فؤاد تشودري الذي وصف الاتفاق بمثابة إطفاء للحريق، مؤكدا التزام الحكومة باتخاذ خطوات للقضاء على التطرف ومعاقبة المخربين والمحرضين على الكراهية.

وأعقب ذلك شن السلطات الباكستانية حملة اعتقالات في صفوف أنصار جماعات دينية، من أبرزها حركة لبيك، وجمعية علماء باكستان فصيل فضل الرحمن، واعتقلت السلطات مئات المشبته بهم، كما سجلت عشرات القضايا ضد معتلقين وقادة وناشطين، من بينهم زعيم جماعة "حركة لبيك يا رسول الله" المولوي خادم حسين رضوي وبعض معاونيه.

توقع تظاهرات وغليان جديد

إلى ذلك، وبعد إشاعات عن مغادرة آسيا للبلاد، أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية الخميس، أنها لا تزال في باكستان، بعد أن نقلت جوا خارج مدينة مولتان حيث كانت مسجونة.

ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية محمد فيصل تقارير إعلامية ذكرت أن آسيا بيبي غادرت البلاد، مؤكداً لوكالة فرانس برس "أنها لا تزال في باكستان".

وكان محاميها سيف الملوك قد أكد لوكالة فرانس برس في رسالة نصية "أطلق سراحها"، مضيفا "أُبلغت أنها على طائرة لكن لا أحد يعلم أين وجهتها".

وتوعدت أحزاب إسلامية بالنزول إلى شوارع كراتشي في وقت لاحق الخميس للاحتجاج على تبرئتها، ومن المتوقع أن تكون التظاهرات حاشدة بعد الأنباء عن إطلاق سراحها.

كما يتخوف البعض أن تشهد بعض المناطق غلياناً جديداً مشابهاً لما حصل الأسبوع الماضي.