+A
A-

ختام عام "المحرّق عاصمة الثقافة الإسلامية 2018" في مسرح البحرين الوطني

بعد عام كامل من الاشتغال الثقافي والحضاري العاكس لعراقة التراث الإنساني البحريني، اختتمت هيئة البحرين للثقافة والآثار برعاية سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه مساء اليوم الأربعاء الموافق 28 نوفمبر 2018م برنامجها لعام 2018م، والذي احتفى بمدينة المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية، وذلك عبر احتفالية خاصّة أقيمت في مسرح البحرين الوطني بحضور معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، وتواجد عدد كبير من وزراء ثقافة الدول الإسلامية وممثليهم وحضور دبلوماسي وإعلامي كثيف.


وفي كلمتها قالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: "للأوطان جميعُها أن تحلمَ وتنجز، مثلما تفعل ذاكرة تحمل من عمر البلاد: تاريخًا، حضاراتٍ إنسانيّة، خرائطَ للجمال، وأخرى من نسج أناس يصدقون أن لنا أوطانًا تمعن في الأمل، وتتطلّعُ للإنجاز"، مضيفة: "اليوم نلتقي في هذا المسرح الذي هو ميناء الأغنيات والحكايات والإلهام، كي نصغي لقصة من المحرّق، مدينة التنوير والسلام، وعاصمة الثّقافة الإسلامية للعام 2018".


وأرفدت معاليها: "هذا المكان، الذي هو الاستثمار الثقافي الأضخم والذي افتتح عام 2012م، بدعم كريم وسامي من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدّى حفظه الله ورعاه، صادفَ عام افتتاحه منجز إدراج (طريق اللّؤلؤ: شاهدٌ على اقتصادِ الجزيرة) على قائمة التّراث الإنساني العالمي لليونيسكو"، قائلة: "وها نحنُ اليوم، في رهاننا على المدينةِ ذاتِها، نحتفي بافتتاح مركز زوّار طريق اللّؤلؤ، برعاية سامية من ملك مملكة البحرين المفدّى، الذي يقاسمنا فكرة أنّ الرّهان الأجمل والمنتصر هو الثقافة".


وأكدت معاليها على دور الثقافة في الارتقاء بالمجتمعات العربية والإسلامية، مشيرة إلى منجزات هيئة الثقافة خلال عام الاحتفاء بالمحرق عاصمة للثقافة الإسلامية، فقالت: "تبقى الثقافة صانعة للعراقة والأمل، وملهمة لكل ما يشكل تصديراً لحضاراتنا العريقة، حيث أقر المجلس التنفيذي لليونيسكو في سبتمبر الماضي (اليوم العالمي للفنّ الإسلامي)، وتمكّنّا قبل ذلك معاً، خلال اجتماع لجنة اليونيسكو الذي انعقد هذا العام في مملكة البحرين من إدراج عدد من المواقع في أوطاننا الحبيبة على قائمة التراث الإنساني العالمي".


أما معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري فتوجّه في بداية حديثه بالشكر إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه لرعايته احتفالية اختيار المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2018م، كما شكر معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار لجهودها المتميزة والمتواصلة للنهوض بالعمل الثقافي وإغناء الحراك الحضاري والاعتناء بالتراث والآثار في مملكة البحرين، مشيراً إلى أن هيئة الثقافة حققت إنجازات مهمة ونفذت أنشطة متعددة ومتنوعة أغنت برنامج اختيار المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية الذي تم إطلاقه يناير الماضي.


وحول برنامج عواصم الثقافة الذي تنفّذه المنظّمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، قال معالي الدكتور التويجري إن المنظمة جعلت من هذا البرنامج مشروعاً ثقافياً دائماً يعبّر عن الرؤية الحضارية المستنيرة للعمل الثقافي الإسلامي المشترك، موضحاً أن البرنامج يهدف إلى إنعاش العمل الثقافي وإغنائه وتطويره إضافة إلى تشجيع العمل الأدبي والحث على التفوّق في مجالات الثقافة والفنون. وأكد معاليه أن برنامج عواصم الثقافة يمكّن عواصم العالم الإسلامي من خدمة العمل الثقافي بصورة منتظمة.


وبعد إلقاء كلمات افتتاح الحفل، تم تكريم شخصيتين بارزتين، تقديراً لجهودهما في مجال تعزيز العمل الثقافي الإسلامي المشترك، حيث تم تسليم درع الاحتفالية لمعالي الأستاذ عمر سليمان آدم، وزير الثقافة والسياحة والآثار، في جمهورية السودان، رئيس المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الثقافة تقديراً لجهوده وحرصه على متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة والتنسيق مع الإدارة العامة للإيسيسكو بشأنها. كما استلم الدرع معالي الدكتور عبد اللطيف كانو، رئيس مجلس أمناء بيت القرآن في المنامة تقديراً لجهوده في تأسيس بيت القرآن الذي يساهم في نشر قيم الدين الإسلامي.


وفي إطار برنامج الإيسيسكو لعواصم الثقافة الإسلامية، سيتم الاحتفال العام المقبل 2019م، بأربع عواصم للثقافة الإسلامية، وهي: مدينة القدس الشريف، ومدينة تونس، عن المنطقة العربية، ومدينة بندر سيري بيغاوان، عن المنطقة الآسيوية، ومدينة بيساو، عن المنطقة الإفريقية. وتم تسليم "علم الاحتفالية" عن المنطقة العربية مع درع الاحتفالية من معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إلى معالي الدكتور إيهاب بسيسو وزير الثقافة في دولة فلسطين، كذلك تم تسليم علم الاحتفالية لمعالي الدكتور محمد زين العابدين، وزير الشؤون الثقافية في الجمهورية التونسية، ودروع الاحتفالية إلى كل من معالي الدكتور بَّادو حاجي عابدين، وزير الثقافة والشباب والرياضة في سلطنة بروناي دار السلام والدكتور فلورينتينو فيرناندو دياس وزير الدولة المكلف بالثقافة في جمهورية غينيا بيساو.


واختتمت الاحتفالية اشتغالها مع العرض العالمي "أحلام مسافر: قصّة من المحرّق"، الذي تم العمل عليه لأكثر من سنة ليكون بمثابة الختام الملائم لعام شهد نشاطاً ثقافياً كبيراً. وقدّم العرض حكاية لبطل اسمه عزيز، حيث تابع الجمهور قصة رحلته في البحث عن الذات. ومن المحرّق انتقل العرض إلى شجرة الحياة ليعكس عبر الموسيقى التصويرية المميزة وقوة حركات الراقصين أيقونة المعرفة والاتصال الوثيق ما بين البحرين وثقافتها العريقة. وقدّمت هيئة الثقافة العرضَ من منظور مبدعين عالميين حائزين على عدة جوائز مرموقة انصهرت فيها الطاقات الإبداعية لكل من المدير الفني خوسيه أنطونيو رويز والملحن خوسيه نييتو ومصمم الرقصات باتريك دي بانا.


وتميزت اللغة الموسيقية لعرض "أحلام مسافر: قصة من المحرّق" بدمج ألحان آلات تتنوع ما بين الإيقاع والأصوات الموسيقية التقليدية البحرينية. كما واستوحت الموسيقى عناصرها من التراث الموسيقي البحريني لتتمازج مع الألحان الأوركسترالية السيمفونية الكبرى. أما بناء القصّة فتتبع نمط الأوبرا الراقصة، ورغم ذلك فإن التراث البحريني بقي قلب وروح هذه التركيبية الموسيقية والاستعراضية. وجاءت مشاركة البحرين في هذا العرض عبر تسجيلات فرقة قلالي، كورال فرقة البحرين للموسيقى وفرقة الدار.


يذكر أن المؤتمر الإسلامي الاستثنائي لوزراء الثقافة ينطلق صباح يوم 29 نوفمبر 2018م من فندق الريتز كارلتون. ويشارك في المؤتمر وزراء الثقافة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وهي 57 دولة، بالإضافة إلى رؤساء عدد من المنظمات الدولية والإقليمية. وسيناقش المؤتمر عدداً من الوثائق والمشاريع الثقافية المهمة تمهيداً لاعتمادها ومنها: "مشروع برنامج عمل بشأن تعزيز الدعم الإسلامي والدولي للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف، "مشروع مسار المنامة لتفعيل العمل الثقافي الإسلامي المشترك لمواجهة التطرف والطائفية والإرهاب"، كما من المؤمل أن يصدر عن المؤتمر إعلان البحرين "حول حماية التراث الإنساني ومواجهة التطرف".