+A
A-

المؤتمر الإسلامي الاستثنائي لوزراء الثقافة يعقد أعماله في المنامة

برعاية كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، انطلقت أعمال المؤتمر الإسلامي الاستثنائي لوزراء الثقافة صباح اليوم الخميس الموافق 29 نوفمبر 2018م في فندق الريتز كارلتون بالمنامة بشعار "جميعاً من أجل حماية التراث الإنساني ومواجهة التطرف"، وذلك بحضور معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، معالي الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الأيسيسكو)، معالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين المدير العام لمنظمة التعاون الإسلامي، معالي السيد عمر سليمان آدم وزير الثقافة والسياحة والآثار في جمهورية السودان رئيس المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الثقافة، إضافة إلى تواجد عدد كبير من وزراء الثقافة للدول الإسلامية والوفود المشاركة إضافةً إلى حضور إعلامي وثقافي.

وخلال افتتاح المؤتمر، قالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار: "نجتمع اليوم في مملكة البحرين، مؤمنين بالثقافة أسلوب مقاومة لكل ما تواجهه بلداننا العربية والإسلامية من تحديات كبيرة"، مؤكدة أن الإرث الإنساني والمقومات الحضارية تعد وسائل يمكن من خلالها الارتقاء بالبلدان العربية والإسلامية وتحويلها من بلدان مستهلكة للثقافة إلى بلدانٍ منتجة للاشتغال الثقافي.

وأضافت " كان لقاؤنا أجمل بحضوركم، حيث دشنّا فصلاً جديداً من العمل الثقافي الهادف لتطوير البنية التحتية الثقافية ضمن فعاليات المحرّق عاصمة الثقافة الإسلامية، فجاء مركز زوار طريق اللؤلؤ، المعلم البحريني الثاني على لائحة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي شاهداً على أهمية المنجزِ الثقافي الذي يصنع الهوية لأوطاننا ويعكس ما لأرضنا من إرث ثقافي وحضاري". كما وأشارت معاليها إلى أن هيئة الثقافة أنجزت مشاريع بنية تحتية ثقافية في المحرّق "تبقى للأجيال القادمة منارة تساعدهم على الاستمرار في مسيرة الإنجاز الثقافي، ضمن رؤية لتنمية مستدامة تنتهجها هيئة الثقافة في استراتيجياتها. وأوضحت أن الهيئة رسّخت عبر فعاليات وبرامج وأنشطة متواصلة الصورة الجميلة للإسلام وقيمه التنويرية وروّجت لما تمتلكه البلدان الإسلامية من فنون وعمارة وإبداع. 

وتوجّهت معاليها بالشكر العميق إلى منظمة الإيسيسكو، وعلى رأسها معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، لاهتمامها بمدينة المحرّق ولثقتها بمملكة البحرين وقدرتها على عكس نموذج راق للمدينة العربية والإسلامية.

بدوره أعرب معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري عن شكره وامتنانه لمملكة البحرين قيادة وحكومة وشعباً لاستضافة المؤتمر الإسلامي الاستثنائي لوزراء الثقافة. وقال: " لقد كان اختيارنا لعنوان الدورة الاستثنائية لهذا المؤتمر، معبراً عن الاهتمام الكبير الذي نُوليه لحماية التراث العالمي الذي هو مـلـك للإنسانية جمعاء، من جهة، ومعبراً أيضاً، عن انشغالنا بمواجهة التطرف بكل أشكاله وبمختلف درجاته، من جهة ثانية "، مشيراً إلى أن التطرف يهدد استقرار المجتمعات وهويتها الثقافية التي يعد التراث أحد عناصرها الأساسية. وأكد معاليه أن التراث الوطني العربي والإسلامي تراث إنساني عالمي، موضحاً أن حماية التراث تتضمن مواجهة التطرف بشتى الطرق الأمنية، الأساليب الفكرية والمناهج التربوية.

وأضاف: "إن العمل من أجل تنوير الرأي العام العالمي لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة منذ سبعة عقود، على الحرم المقدسي، وعلى مدينة القدس الشريف، بصورة عامة، من شأنه أن يوفر الدعـمَ للجهـود التي نبذلها في إطـار الإيسيسكو، والألكسو، واليونيسكو، لحماية تراثنا الإسلامي العربي في المدينة المقدسة، الذي هو تراث للإنسانية جمعاء"، مشدداً أن حماية التراث العالمي مسؤولية يتحملها المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، سعياً لإنقاذ العالم من الصراعات والحروب.

وتوجّه معالي الدكتور التويجري بنداء إلى المجتمع الدولي قائلاً "وإنني أوجّه نداء إلى المجتمع الدولي، للقيام مسؤوليته في حماية التراث الإنساني في القدس الشريف بخاصة، وفي جميع أقطار الأرض بعامة، ومواجهة التطرف والطائفية والإرهاب، فحماية التراث الإنساني ليست مهمة دولة من الدول ولكنها مهمة إنسانية عالمية مشتركة".

من جهته أعرب معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين عن سعادته لتواجده في مملكة البحرين، قائلاً إن المملكة لطالما شكلت جسراً للتواصل ما بين الحضارات الإنسانية، منذ حضارة دلمون وحتى عصر الحضارة العربية والإسلامية. تطرّق إلى أبرز التحديات التي تواجه الهوية الثقافية العربية والإسلامية، مطالباً بالتصدي لها عبر إيصال الرسالة الإنسانية للعالم الإسلامي إلى العالم والاهتمام بالفكر والثقافة وتعزيز العلاقات القائمة على احترام كرامة الإنسان، إضافة إلى ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية ومبادئ الاعتدال والوسطية والتسامح ونبذ التطرف والكراهية والتعصب.

أما معالي السيد عمر سليمان آدم وزير الثقافة والسياحة والآثار في جمهورية السودان رئيس المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الثقافة فهنأ هيئة البحرين للثقافة والآثار على نجاح برامجها خلال عام الاحتفاء بالمحرق عاصمة الثقافة الإسلامية. كما وأشاد بافتتاح مركز زوار موقع طريق اللؤلؤ المسجل في قائمة التراث العالمي لليونيسكو. وحول مواجهة السّودان للتطرف، قال معالي الوزير إن الحكومة السودانية وضعت منهجاً علمياً وموضوعياً لمحاربة التطرف باستخدام أدوات الحوار والإقناع والارتقاء بالثقافة والفكر في المجتمع، مشيراً إلى أن تجربة السّودان في الاحتفال بمدينة سنار عاصمة للثقافة الإسلامية حققت منجزاً محورياً ضمن العمل التضامني الثقافي الإسلامي.

وتم خلال المؤتمر توقيع مذكرات تعاون متنوعة لتفعيل عدة مشاريع ثقافية وحضارية. من بينها توقيع مذكرة تفاهم ما بين الأيسيسكو والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي وذلك تتضمن مشاريع لحماية التراث الثقافي والطبيعي في الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي وبرامج لبناء قدرات الخبراء والمختصين في مجالات التراث في الدول العربية والإسلامية. كذلك تم توقيع مذكرة تفاهم ما بين الأيسيكو ووزارة الثقافة التونسية حول استضافة العاصمة التونسية للمؤتمر الإسلامي الحادي عشر لوزراء الثقافة تزامنًا مع الاحتفاء بتونس عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2019م عن المنطقة العربية.

وكان من بين أهم منجزات جلسة العمل الأولى في المؤتمر الاستثنائي لوزراء الثقافة، اعتماد مشروعين هما مشروع "برنامج عمل لشأن تعزيز الدعم الإسلامي والدولي للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف"، ومشروع "مسار المنامة لتفعيل العمل الثقافي الإسلامي المشترك لمواجهة التطرف والطائفية والإرهاب".

وجاء مشروع "برنامج عمل لشأن تعزيز الدعم الإسلامي والدولي للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف" ليعكس المسؤولية التاريخية التي تتحملها جهات الاختصاص العربية والإسلامية والدولية، من أجل حماية التراث الثقافي المقدسي بكل أبعاده الإنسانية، حيث تضمن المشروع ستة مشاريع تغطي أولويات العمل لحماية التراث الحضاري والثقافي لمدينة القدس الشريف، وهي تعزيز الجرد الشامل للتراث المقدسي المادي وغير المادي، واستكمال وضع نظام للمعلومات الجغرافية حول القدس الشريف، وإنشاء متحف افتراضي لمدينة القدس الشريف، والبرنامج التكميلي لترميم معالم التراث الثقافي المقدسي وصيانتها، وبرامج التوعية الشاملة بالحقائق التاريخية والموروث الثقافي والحضاري للقدس الشريف وأخيراً دعم البحث والتأليف والترجمة والنشر حول قضايا القدس الشريف.

كما اقترح برنامج العمل مجموعة من آليات العمل على المستويين المحلي والإقليمي والدولي لتنفيذ هذه المشاريع، تعتمد بالدرجة الأولى على الاستفادة من الخبرات الواسعة المتوفرة في هذه المجالات داخل الدول الأعضاء وخارجها مع دمجها بخبرات جديدة، هذا إضافة إلى تعزيز الإنجازات التي تحققت إلى حد الآن بإنجازات أخرى ملموسة في إطار مشاريع مبتكرة وشاملة.

ومن جهة أخرى يسعى مشروع "مسار المنامة لتفعيل العمل الثقافي الإسلامي المشترك لمواجهة التطرف والطائفية والإرهاب" إلى تجديد الوعي بأهمية الانخراط العملي والتشاركي في مواجهة جميع أشكال التطرف والإرهاب والطائفية وتعزيز التعاون والتكامل بين القطاعات الحكومية والمؤسسات التشريعية والقضائية والأمنية وهيئات المجتمع المدني. هذا إضافة إلى وضع برنامج عمل شامل على المدى القريب والمتوسط لمواجهة الفكر المتطرف. كما يسعى المشروع إلى إعادة الاعتبار لمكانة الحضارة الإسلامية وقيمها ومقوّماتها المبنية على الوسطية والسلام والتفاعل الحضاري والثقافي مع الآخر. ومن بين الوسائل التي يركز عليها مشروع مسار المنامة، تقوية مضامين ثقافة الاعتدال في مختلف القطاعات الثقافية والوسائط ذات الصلة من جهة وتعزيز هذه المضامين في مجالات داعمة ومكملة للعمل الثقافي.