العدد 3737
الإثنين 07 يناير 2019
banner
تقنين الجمعيات... ضرورة
الإثنين 07 يناير 2019

بحّت أصواتنا ونحن ننادي بضرورة وضع حدٍ لهذا العدد غير المنطقي من الجمعيات المهنية و الاجتماعية والخيرية في مملكتنا الحبيبة، نظراً لما يتسبب فيه ذلك من تشتت للجهود والمسؤوليات وضعف في ميزانيات هذه الجمعيات، وما يترتّب على ذلك من ضغط على المؤسسات والبنوك والشركات وغيرها من مؤسسات القطاع الخاص التي تجد نفسها مدفوعة لتقديم ما يلزم من دعمٍ لهذه الجمعيات تحت بند الوفاء بالمسؤولية المجتمعيّة.

وحسب الإحصائيات الأخيرة الصادرة من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، فإن عدد تلك الجمعيات وصل إلى أكثر من 400! فهل يُعقل وجود هذا العدد الضخم من الجمعيات في هذا البلد الصغير جغرافياً وديموغرافياً. لسنا هنا بصدد التطرق للأدوار الخيرّة التي تقوم بها تلك الجمعيات إذ لا شك لدينا في أنها تقدّم خدمات جليلة وتبذل جهوداً جبارة لخدمة المجتمع البحريني بكل أطيافه، وأنا شخصياً دائم التواصل معها بحكم عملي، وقد تكون شهادتي في بعضها مجروحة، إلا أنني أرى أنه حان الوقت لنبحث عن حلول جذرية لهذا الوضع غير الصحّي. يتشابه عدد كبير من هذه الجمعيات في البرامج والأنشطة، والكثير منها للأسف لا يصل إلى مستوى الطموحات، ولا يُحقق أيّا من الأهداف التي تأسّست الجمعية من أجلها، ذلك أن تأسيسها جاء أصلاً لحاجة في نفس يعقوب! ولكي أكون أكثر صراحة أمام القارئ الكريم فإنني أجزم بأن بعض هذه الجمعيات تشكلت لضرب جمعيات أخرى تتشابه معها في طبيعة العمل، وكل ذلك بسبب خلافات شخصية بين الأعضاء إضافة إلى أمراض العصر مثل حب الظهور والرغبة في الشهرة والبريستيج.

نعم أقولها بكل حسرة إن البعض أصبح يفتقر للمبادئ ويتملكه حُب الذات والرغبة في تحقيق المصالح. على الوزارة المعنيّة أن تغيّر الشروط اللازمة للحصول على ترخيص بتأسيس جمعية، وينبغي على السلطة التشريعية أن تبادر إلى طرح مثل هذه القضايا التي تشكّل هماً مستمراً وضغطاً لا داعي له على الأفراد والمؤسسات. ومع الأسف الشديد فإن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عندما وضعت قوانينها لم تكن تعلم أن هناك أشخاصاً سيقومون يوماً ما باستغلال تلك القوانين، بل أن هناك من يبحث جاهداً عن ثغرات في هذه القوانين لاستغلالها في تحقيق أهدافه الرخيصة.

تلك الجمعيات وجدت من أجل خدمة المجتمع أولاً وأخيراً، وبالطبع فإن الكثير منها لا يزال يعمل بكل إخلاص وكفاءة للوفاء بالمسؤوليات التي قامت الجمعية من أجلها، لكن هناك بعض الجمعيات أصبحت تفتقر للثقّة بسبب ما تقوم به من ممارسات غير صحيحة، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل من حلٍ لهذا الوضع، أم أنها فقط أفكار يتم طرحها لتبقى مجرد حبرٍ على ورق.

أتمنى أن نجد حلولاً إذا كنّا حقاً نحب مملكتنا الحبيبة فعلاً وليس قولاً، وهذه هي المواطنة الحقّة التي ينبغي أن يتحلى بها جميع من يسكن هذه الأرض الطيبة، فنحن عندما نطرح قضايانا المحليّة فإن كل ما نطمح إليه هو أن نجد الآذان الصاغيّة.

ولكي لا تتبعثر الجهود الكبيرة التي يبذلها القائمون على الجمعيات المعروفة بحسن الأداء فلربما يكون من الجيد اللجوء إلى تقنين تلك الجمعيات وتوزيعها بحسب المحافظات الأربع. ليس هناك داعٍ لمثل هذا العدد الرهيب من الجمعيات في البحرين فالمطلوب هو الكيف وليس الكّم. والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية