+A
A-

"رئيس الأطباء" يشتكي طبيبا لخطأ لم يرتكبه والمريضة تنفي ادعاؤه

رفضت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) إصدار الهيئة الوطنية لتنظيم المهن الطبية والخدمات الصحية "نهرا" لقرار بتوجيه إنذار كتابي بحق طبيب أبلغ ضده رئيس الأطباء أنه تسبب لإحدى مريضاته بمضاعفات نظرا للتأخر في إجراء عملية قيصرية حفاظا على صحة جنينها، وقضت بإلغاء القرار الصادر من الهيئة؛ وذلك لأن المدعى عليها لم تقدم أية تقارير طبية تثبت علاقة الطبيب المدعي بالمضاعفات التي حدثت للمريضة، رغم أنه أمر بتحويلها بشكل مستعجل لمستشفى حكومي والذي تأخر الأطباء فيه بإجراء العملية لها، فضلا عن استنكار المريضة للبلاغ المقدم ضده وتأكيدها لأقوال الطبيب، والذي لم يسمح له بالدفاع عن نفسه.

وقالت المحكمة إن وقائع الدعوى تتحصل في أن الطبيب رفع دعواه التي أوضح فيها أن المريضة كانت تعالج لديه، وبناء على طلبها أجرى لها عملية جراحية حفاظا على حياة جنينها، وبعد فترة راجعت عيادته، ولاحظ أن حالتها تستدعي التحويل إلى مستشفى حكومي لإجراء جراحة قيصرية لها على وجه السرعة، إلا أن المستشفى تأخرت في إجراء هذه الجراحة مما أصاب المريضة بمضاعفات كبيرة، وفوجئ برئيس الأطباء بالمستشفى الحكومي يقدم شكوى ضده في شأن المضاعفات التي حدثت للمريضة وتم إحالته إلى التحقيق، وصدر قرار بتوقيع جزاء "الإنذار الكتابي" بحقه.

لذا فقد تقدم المدعي بدعواه ملتمسا إلغاء القرار التأديبي، وبمخاطبة المستشفى الطبي لإيداع ملف المريضة حتى يتبين وجه الحق في الدعوى، وإحالة الدعوى للتحقيق وسماع شهود المدعي لإثبات انتفاء أي خطأ في جانبه وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، خاصة لمخالفة القرار أحكام القانون وعدم الاستجابة لطلباته أثناء مثوله للتحقيق حيث لم يتم الاستماع إلى شهوده ، ولم يمكّن من الاطلاع على الأوراق الخاصة بالدعوى التأديبية، مما يشكل إخلالا بحقه في الدفاع، فضلا عن انتفاء صفة الشاكي؛  ذلك أن المريضة صاحبة الحق الأصيل في الدعوى لم تتقدم بأية شكوى، بل واستنكرت تقدم الشاكي بهذا البلاغ الكيدي في حق المدعي.

وذكرت أن المقرر في التشريعات التي تنظم تأديب العاملين المدنيين بالدولة - كأصل عام - ضرورة أن يستوفى التحقيق مع العامل المقومات الأساسية التي يجب توافرها في التحقيقات عموما وأخصها توفير الضمانات التي تكفل للعامل الإحاطة بالاتهام الموجه إليه وإبداء دفاعه وتقديم الأدلة وسماع الشهود، وما إلى ذلك من وسائل تحقيق الدفاع إثباتا ونفيا، وذلك حتى يتسنى الاطمئنان إلى صحة الوقائع المستوجبة للجزاء وتمكين القضاء من بسط رقابته على قيامها من عدمه.

وتابعت، حيث أنه لما كان الثابت من الأوراق أنه بناء على الشكوى المقدمة من المستشفى الحكومي قام الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لتنظيم المهن الطبية والخدمات الصحية بإصدار القرار بإحالة الطبيب المدعي إلى لجنة التراخيص الطبية بهيئة تأديب للتحقيق معه فيما نسب إليه من أنه قام بإجراء عملية لإحدى المرضى دون حاجة طبية لاتخاذ هذا الإجراء ودون الاستناد إلى أسس علمية مما عرض حياة المريضة للخطر.

وأضافت أن اللجنة التأديبية للمرخص لهم بمزاولة مهنة الطب البشري قامت بإجراء التحقيق مع المدعي في المخالفات المنسوبة إليه، حيث حضر المدعي وطلب من لجنة التحقيق إثبات أسماء شهود النفي حتى يتمكن من تحقيق دفاعه، إلا أن اللجنة التفتت عن ذلك ولم تستمع إلى شهود المدعي، وأصدرت القرار المطعون عليه بتوقيع جزاء "الإنذار الكتابي" على المدعي، مما يشكل إخلالا بحقه في الدفاع، فضلا عن خلو الأوراق من ثمة مستند يفيد ثبوت خطأ المدعي في علاج المريضة  والتي أفادت بموجب الإقرار الموقع منها أنها كانت تعالج لديه وقد شرح لها مخاطر إجراء العملية وقد قبلت هذه المخاطر، وأن المضاعفات التي حدثت لها كانت بسبب تأخر الطاقم الطبي في المستشفى الحكومي في إجراء العملية.

وبينت أن المريضة قامت باستكمال علاجها لدى المستشفى، ولم تقدم الجهة الإدارية المدعى عليها أية أوراق أو تقارير طبية تثبت علاقة الطبيب بالمضاعفات التي حدثت للمريضة إثر توجهها إلى المستشفى، الأمر الذي يغدو معه القرار المطعون عليه - والحالة هذه - مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة، ويكون النعي عليه في محله، مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون عليه بتوقيع جزاء "الإنذار الكتابي" على المدعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليهم المصروفات، ومبلغ 20 دينار مقابل أتعاب المحاماة.