+A
A-

إيران تجس نبض أميركا وأوروبا من خلال رؤسائها السابقين

بعد أيام من مقابلة مثيرة للرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، المحسوب على التيار المتشدد، مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية دعا خلالها إلى المفاوضات المباشرة مع الرئيس الأميركي، دونالد، ترمب، نشر الرئيس الأسبق محمد خاتمي الذي يتزعم التيار الإصلاحي في البلاد مقالاً في صحيفة الغارديان البريطانية، دعا خلاله العالم إلى التحرك من أجل مناهضة الحرب.

وركز الرئيسان السابقان لإيران على نقطة جوهرية في تصريحاتهما الموجهة للغرب، هي إنهاء العقوبات القاسية علي إيران والدخول في مفاوضات من أجل السلام والأمن في المنطقة والعالم، لكنهما في نفس الوقت تحاشيا التطرق إلى تحركات الحرس الثوري العدوانية، من استهداف الناقلات وتهديد الملاحة البحرية إلى تحريك إيران وكلائها في المنطقة، وهي الأعمال التي تجر المنطقة نحو الحرب.

وأشار خاتمي في مقاله في الغارديان، الثلاثاء، إلى إطلاقه مشروع حوار الحضارات عام 2001 الذي تبنته الأمم المتحدة، ثم مفاوضاته مع الغرب التي قال إن الرئيس روحاني واصلها وأبرم الاتفاق النووي الإيراني عام 2015.

وعلى العكس من أحمدي نجاد، الذي اعتبر الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، "رجل أعمال جديرا بالتفاوض"، هاجم خاتمي ترمب بشدة، واتهمه بـ "فرض عقوبة جماعية على الشعب الإيراني" من خلال العقوبات، كما حمّله مسؤولية التصعيد في الخليج.

ويقول محللون إن أحمدي نجاد يلتقي مع ترمب في نهج الخطاب الشعبوي، ولذا لم يهاجمه بل حاول مغازلته وكسب وده، بينما خاتمي ذو الميول الليبرالية يوجه خطابه للغرب الليبرالي وبالطبع للديمقراطيين في الولايات المتحدة.

وطالب خاتمي الرئيس الأميركي بخفض التصعيد قائلا إنه "على الرغم من ضغوط بعض مستشاريه، فلا يزال أمام الرئيس ترمب خيار لعكس اتجاه تصعيد إدارته غير الضروري. يجب أن يدرك أن الإيرانيين صامدون".

ودعا زعيم التيار الإصلاحي الإيراني إلى التحرك من أجل "السلام والحوار من أجل مصلحتنا ولأجيال المستقبل".

ويبدو أن خاتمي الذي يخضع لحظر إعلامي منذ سنوات بسبب تعاطفه مع قادة الحركة الخضراء لعام 2009 والخاضعين تحت الإقامة الجبرية، يحاول استعطاف المرشد خامنئي وتخفيف ضغوطه عليه. كما دعا مؤخراً إلى مشاركة شعبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع إجراؤها بعد حوالي 6 أشهر، من أجل إنقاذ البلاد وإبعاد خطر الحرب، حسب تعبيره.

أما الرئيس السابق أحمدي نجاد، الملاحق أيضا من قبل القضاء الذي يهيمن عليه المتشددون، وبالرغم من أنه يُعرف في الغرب بمواقفه المعادية لأميركا وإنكاره للمحرقة النازية، قال في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، الجمعة، إنه "يتعين على طهران وواشنطن حل النزاع المباشر"، الذي بدأ مع ثورة 1979، والاستيلاء على سفارة الولايات المتحدة واحتجاز الرهائن الأميركيين.

وأكد نجاد الذي يشغل مقعداً في مجلس تشخيص النظام الإيراني حالياً، إن إيران يجب أن تتخلى عن الوسطاء الأوروبيين وتفاوض ترمب مباشرة، حسب رأيه.

وبالرغم من دعوة الرئيسين إلى المفاوضات وإبعاد شبح الحرب، تبقى الكلمة الفصل بيد المرشد الإيراني علي خامنئي الذي لا يزال يرفض التحدث إلى الأميركيين، وقد وصف ترمب بأنه "محتال شرير" وحظر إجراء محادثات معه تحت أي ظرف من الظروف.

كما أن المتشددين بين رجال الدين والحرس الثوري يعارضون أية مفاوضات، حيث اعتبر قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الذي يقود تدخلات إيران العسكرية في الشرق الأوسط، بأن التحدث إلى واشنطن بمثابة استسلام.

التباين في وجهات النظر

ومع ذلك، يعبر هذا التباين في وجهات النظر بين القادة الإيرانيين عن تأثير العقوبات الأميركية في الانقسام العميق بين أجنحة نظام طهران. وتفاقمت الانقسامات مع سياسة الضغط الأقصى الأميركية خاصة مع بدء سريان الحظر النفطي الكامل على إيران منذ مطلع مايو/ أيار الماضي، وقيام إيران بالتصعيد في الخليج وتهديد الملاحة من خلال تفجير السفن التجارية واحتجاز الناقلات مؤخراً.

ويرى محللون إيرانيون إن لجوء الرئيسين السابقين لإيران إلى وسائل إعلام غربية يدل على أن النظام يتبع عدة سياسات في وقت واحد لمعرفة أي منها تصلح في مواجهتهم مع الولايات المتحدة، لكي يختاروا بين تصعيد التوترات وتقليص الالتزامات النووية أو استكشاف الطرق الدبلوماسية.

وبينما تعمل واشنطن على حشد دولي لمواجهة تحركات إيران العدوانية وفرض الأمن في المياه الدولية، لا تزال الأصوات في هرم القيادة في طهران منقسمة بين الاستمرار بالتصعيد والرضوخ للتفاوض وتنفيذ المطالب الأميركية الـ12 وأبرزها التوقف عن زعزعة الأمن ودعم الإرهاب في المنطقة والعالم وتجميد البرنامجين النووي والصاروخي.