+A
A-

السعودية والهند وإندونيسيا وقطر تسعى لشراء إس 400 الروسية

تحدث الكاتبان في وكالة "آر بي كي" الروسية، يفغيني بودوفكين، وإينا سيدوركوفا، عن الدول الراغبة في شراء منظومة إس 400 الروسية، ونسبا إلى رئيس الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري الفني القول إن روسيا تلقت 10 طلبات لتوريد منظومة إس 400، ووفقاً لمصادر موثوق بها، هناك ثلاث دول لا تزال تجري مفاوضات جدية بشأن اقتناء المنظومة. ورجح رئيس تحرير مجلة "إكسبورت فوروجيني" أن الولايات المتحدة ستحاول ممارسة الضغط على الدول التي لم توقع حتى الآن على عقود حول إس 400.

من المهتم بإس 400 الروسية؟

في آب/أغسطس الماضي، قال ديمتري شوغاييف، رئيس الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري الفني، إن روسيا تلقت 10 طلبات لتوريد منظومة إس 400. كما ذكرت وسائل الإعلام أن فيتنام وإندونيسيا ومصر والمغرب وإيران من بين المشترين المحتملين للمنظومة، في حين أعلن مسؤولو العراق والبحرين عن اهتمامهم أيضاً. ومع ذلك، وفقاً لمصادر موثوق بها، فإن هناك ثلاث دول لا تزال تجري مفاوضات جدية.

ورجح رئيس تحرير مجلة "إكسبورت فوروجيني"، أندريه فرولوف، في حوار له مع وكالة "آر بي كي"، أن الولايات المتحدة ستحاول ممارسة الضغط على الدول التي لم توقع حتى الآن على العقود، لأن ذلك أسهل من المحاولات التي تتم بعد التوقيع على الصفقة وتنفيذها.

كذلك أكد رئيس تحرير مجلة أرسينال أوتيتشيستفا، فيكتور موراكوفسكي، أنه حتى في حال تم إبرام العقود، فإن العقوبات الأميركية ستمنع تنفيذها. وقال الخبير إن المشكلة الرئيسية تكمن في مراقبة البنوك التي تلبي احتياجات الصفقات.

تركيا.. 9 مليارات دولار خسائر العقوبات الأميركية

الولايات المتحدة مستعدة لفرض عقوبات على تركيا التي تقتني منظومة الصواريخ المضادة للطائرات إس 400 من روسيا. والأربعاء، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، رفضه بشأن توريد مقاتلات إف 35 إلى أنقرة، فضلاً عن تنفيذ برنامج إنتاجهم المشترك. وفي السابق، أكد الخبراء على أنه سيتم فرض عقوبات أكثر صرامة على أنقرة.

وقالت إيلين لورد، نائبة وزير الدفاع الأميركي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إنه نتيجة للقرار الأميركي بشأن إف 35 فإن تركيا ستخسر حوالي 9 مليارات دولار. في حين سيخسر البنتاغون من 500 مليون دولار إلى 600 مليون دولار.

في الوقت ذاته، فرضت الولايات المتحدة بالفعل قيوداً على ثاني دولة تشتري صواريخ إس 400 بعد اعتماد قانون مكافحة خصوم أميركا من خلال العقوبات عام 2017، الذي يحظر العمليات الرئيسية مع روسيا في مجال الدفاع، في حين أن الصين هي أول من فرض عليها القيود.

السعودية.. تستخدمها للضغط على واشنطن

تم توقيع العقد في أيار/مايو 2017، حيث إن تاريخ بدء تسليم المكونات والتكلفة تبدو غير معروفة. في حين أن فرص تنفيذ هذا العقد تكون أقل من المتوسط.

على الرغم من أن الخدمة الاتحادية للتعاون العسكري التقني قد ذكرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 أنه تم التوقيع في أيار/مايو من نفس العام على عقد توريد منظومة إس 400، إلا أن ألكسندر ميكيف، رئيس شركة روسوبورون اكسبورت، قال في شباط/فبراير من العام الحالي إن "موسكو والرياض تعقدان مشاورات إضافية حول مصير عقد تسليم منظومة إس 400. كما ذكرت الخدمة الاتحادية للتعاون العسكري التقني: "خبراؤنا يواصلون مناقشة الشروط المقبولة للطرفين لبدء سريان عقد توريد منظومة إس 400".

وقال أنتون مارداسوف، رئيس قسم النزاعات الشرق أوسطية في معهد التنمية المبتكرة، إن "صفقة منظومة إس 400 ستكون خطوة ذكية لتعزيز القدرات الدفاعية للمملكة العربية السعودية، خاصة في ظل وجود حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتزايد الخلافات بين الرياض وطهران. في الوقت نفسه، إن شراء منظومة إس 400 يعتبر أمراً خطيراً بالنسبة للسعوديين، حيث يمكنه أن يدمر العلاقات مع الولايات المتحدة، كما أعطى وصول ترمب إلى رئاسة أميركا زخماً لتطويرها. لذلك من غير المحتمل المضي في الصفقة".

وأضاف مارداسوف: "المملكة العربية السعودية تستخدم صفقة منظومة إس 400 كمحاولة للحصول على مزيد من الصفقات المربحة من الولايات المتحدة، بينما تستخدم روسيا هذه الصفقة لتحسين صورتها".

من جهته، قال يوري بارمين، الخبير لدى المجلس الروسي للشؤون الدولية، إنه من غير المرجح أن تكتمل المفاوضات في المستقبل القريب. موضحاً: "أولاً، تصر الرياض على نقل التكنولوجيا الخاصة بمنظومة إس 400 لإنتاجها في البلاد، وهو الأمر الذي قد لا ترغب به موسكو. ثانياً، عند شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية، قد يواجه السعوديون مشاكل في الحصول على أنظمة باتريوت من الولايات المتحدة، وحتى لو نجح السعوديون في تجنب عقوبات قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات، فإن ذلك سيعتبر أيضاً أمراً غير مضمون".

الهند.. السداد لروسيا بدون دولارات

تم توقيع عقد شراء منظومة إس 400 في تشرين الأول/أكتوبر 2018 بمبلغ 5.4 مليار دولار، ويكون تاريخ التسليم المتوقع في آب/أغسطس 2023. حيث إن حجم استيراد الهند لهذه المنظومة هو خمسة أقسام، وفرص تنفيذ هذا العقد عالية.

وقال النائب الأول لوزير الدفاع الهندي، شريباد نايك، الأربعاء، إن تسليم منظومة إس 400 الروسية يجب أن يتم بحلول نيسان/إبريل 2023، في حين دعا وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، نيودلهي إلى رفض التعاون مع روسيا في المجال العسكري.

وذكرت وكالة بلومبيرغ، نقلاً عن مصادرها الخاصة، أنه سوف يتم سداد قيمة منظومة إس 400 عن طريق آلية خاصة تشترط استخدام العملات الوطنية للبلدين، مؤكدة أنه بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة روسوبورون إكسبورت في عام 2017، توقفت الهند عن سداد قيمة عقود الأسلحة إلى الجانب الروسي.

وقال أميت كوشيش، المستشار المالي البارز السابق في وزارة الدفاع الهندية، وهو خبير بمعهد الدراسات الدفاعية في نيودلهي، إن المفاوضات بشأن بيع منظومة إس 400 تسير ببطء، لكن الهند لا تنوي التخلي عن شراء هذه المنظومة.

في الوقت ذاته، قال كوشيش لوكالة "آر بي كي" إن "الولايات المتحدة تضع نفسها في موقف محرج بسبب فرضها عقوبات على القطاعات الصينية وتهديد تركيا بهذه الخطوة، إذ إنه من غير المرجح أن تستجيب الهند لهذه الضغوط".

وعلى الرغم من الموافقة على تاريخ بدء توريد منظومة إس 400 والاتفاق على مسألة السداد، إلا أن نيودلهي ستقنع الولايات المتحدة بمسألة استثنائها من فرض العقوبات، وفق بلومبيرغ. ومع ذلك، لم تحصل أي دولة حتى الآن على حصانة من العقوبات الأميركية بشأن إجراء صفقات مع روسيا.

وذكر كوشيش أنه من الصعب التكهن بما إذا كانت نيودلهي ستحصل على حصانة من العقوبات، لكن مطالبات الهند تعتبر ليست أفضل خطوة فيما يتعلق بالسمعة، موضحاً أنه "إذا رفضت الولايات المتحدة استثناء الهند، فإن مصالح واشنطن ستتضرر بشكل خطير، إذ إن حجم مشتريات الهند للسلع العسكرية الأميركية ارتفع من الصفر إلى 17 مليار دولار".

من جانبه، قال أليكسي كوبريانوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، لوكالة آر بي كي، إن الهند لاعب رئيسي، لافتاً إلى أنه "عندما يقال لنيودلهي البلد الذي يمكنه أن يشترى منه، فإن ذلك بالطبع سيكون مزعجاً لها. لذلك، لو تم الاتفاق على عقد منظومة إس 400، فسيتم تنفيذه".

قطر.. مشكلة مساحتها الصغيرة

المفاوضات جارية، لكن احتمالات تنفيذ الصفقة بعيدة.

قال فهد بن محمد العطية، سفير قطر في روسيا، في كانون الثاني/يناير 2018، إن قطر مهتمة باقتناء منظومة إس 400. لكن في آذار/مارس من هذا العام، قال وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إنه لم يتم التوصل إلى اتفاقيات محددة بشأن اقتناء منظومة إس 400.

وفي 18 تموز/يوليو، رفض العطية الاعتراف بأن الدوحة تتعرض لضغط مباشر من واشنطن بسبب رغبتها في اقتناء منظومة إس 400، لكن هذا الاحتمال يؤخذ في عين الاعتبار. في حين أنه قال في مقابلة له مع صحيفة نيوز الروسية، إنه إذا كنت تتعامل مع الولايات المتحدة، فيجب عليك أن تعي عواقب العقوبات على الأعمال التجارية لبلدك والمصالح الوطنية. ومثل هذه الشروط (العقوبات ضد تركيا-إضافة وكالة آر بي كي) تجعل شراء الأنظمة الدفاعية أمراً صعباً بالنسبة لنا. لكن هذا لا يعني أننا سنحد من التعاون مع روسيا في مجال التعاون العسكري التقني".

في الوقت ذاته، أكد مصدر دبلوماسي في الدوحة لوكالة "آر بي كي" أن "قطر نفسها تتخذ قرارات بشأن المشتريات العسكرية، لكنها تأخذ عامل العقوبات الأميركية في عين الاعتبار. كما تريد شراء منظومة إس 400، في حين أن شراء تركيا لهذه المنظومة قد يعطي زخماً للمفاوضات".

وذكر المصدر القطري: "تغلبت تركيا-وهي شريكنا السياسي والعسكري الإقليمي-على الحاجز النفسي للمنطقة بعد اقتنائها لمنظومة إس 400. والجدير بالذكر أن هناك دولا أخرى قد تتبع نهجها في هذه المسألة"، في حين قال يوري بارمين إن "قطر على عكس المملكة العربية السعودية، فهي بلد مساحته صغيرة، وبالتالي فإن فعالية منظومة إس 400 في قطر محدودة جداً".

وخلص الخبير إلى "أن المفاوضات مع قطر حول منظومة إس 400 متوقفة، في حين لا يبدو أن هذا الأمر يستحق الانتظار لحدوث انفراجة. وأنه لم يبدِ أي من الأطراف حتى الآن نوايا جادة بشأن هذه المسألة، وأن موسكو لا ترى وجود رغبة من جانب الدوحة لشراء منظومة إس 400 ".

كيف تعيق العقوبات الأميركية شراء الأسلحة الروسية؟

تعد روسيا ثاني أكبر مصدر للأسلحة بعد الولايات المتحدة. كما ذكر سيرغي شيمزوف، رئيس شركة روستيخ، في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي لعام 2019، أن الصادرات في عام 2018 بلغت 13.7 مليار دولار، في حين لم يقدر الجانب الروسي الخسائر الناجمة عن العقوبات الأميركية، إلا أن المسؤولين تحدثوا مراراً وتكراراً عن الضغوطات الأميركية على المشترين المحتملين للأسلحة الروسية.

وأكد كريستوفر فورد، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الأمن الدولي ومنع الانتشار النووي، أنه بسبب قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات، خسرت روسيا عدة مليارات دولار اعتباراً من آب/أغسطس من العام الماضي.

ووفقاً لفورد، فإن النجاح الحقيقي لقانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات لا يكمن فيما تفرضه الولايات المتحدة من عقوبات على الدول الأخرى، بل في عدد الدول التي رفضت التفاوض مع روسيا بشأن شراء الأسلحة.

وأوضح المحاورون في وكالة "آر بي كي" أن الدوائر الحكومية الروسية اعترفت بوجود نفقات ناجمة عن قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات، حيث تحدث مصدر في وزارة الخارجية للوكالة عن أن الصين مديونة لروسيا بخصوص إمدادات الأسلحة، حيث كان سبب ذلك التهديد بالعقوبات.

وعلى حد تعبيره، "تحاول جمهورية الصين بذل كل ما بوسعها في سبيل عدم تقوية المواجهة الاقتصادية مع الولايات المتحدة، حيث إن هذه المسألة تعتبر ذات أولوية بالنسبة لبكين"، في حين صرح مصدر رفيع المستوى في المجمع العسكري الصناعي للوكالة أن هناك مشكلة في سداد قيمة العقود العسكرية المبرمة مع الصين، لكن الدين يتم سداده.

وأضاف المحاور في وكالة آر بي كي أن "الولايات المتحدة تراقب التحويلات البنكية الضخمة. ولكن وجدنا خيارات حول كيفية الدفع، حيث إن الصينيين سيشترون بالروبل ويتم حسابه بالروبل، ونحن نقبض بعملة اليوان".

من جانب آخر، نشأت صعوبات بخصوص شراء إندونيسيا مقاتلات روسية من طراز سوخوي سو-35، حيث وقعت موسكو وجاكرتا عقد الشراء في شباط/فبراير 2018، في حين كان من المتوقع بدء التسليم في تشرين الأول/أكتوبر.

لكن صحيفة كوميرسانت كتبت في تشرين الأول/أكتوبر 2018 أنه تم تأجيل تنفيذ الصفقة لأن الولايات المتحدة لم تقدم ضمانات بعدم تطبيق العقوبات على إندونيسيا. كما ادعت الصحيفة أن المشاكل المتعلقة بالسداد المصرفي الضروري قد ظهرت لإغلاق الصفقة.

وفي حزيران/يونيو من هذا العام، أعلن وزير الدفاع الإندونيسي، رياميزاد رياتشودو، أن عمليات تسليم مقاتلات من طراز سوخوي سو-35 يجب أن تبدأ قبل نهاية العام.