”لن نقبل شيئا أقل من كوكب قائم على أساس المساواة”، بهذه الكلمات النافذة علقت ”فومزيلي ملمبو نكوكا” المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة على كل ما يتعلق بحقوق المساواة بين الجنسين لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي المرجو على مستوى العالم، وهو الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة.
ورغم أن العالم أحرز تقدما في المساواة بين الجنسين بموجب الأهداف الإنمائية للألفية (بما يشمل التكافؤ في الحصول على التعليم الابتدائي بين البنات والبنين)، لا تزال النساء والفتيات يعانين من التمييز في أنحاء متفرقة من العالم. وبالرغم من ازدهار مشاركة النساء في مختلف المجالات إلا أنه مازالت هناك عدة حواجز تحول دون إنصاف المرأة في العمل ووضع العوائق غير المُبررة في طريقها .
كذلك نلاحظ أن أي عمل تلامسه أنامل المرأة يعود بارتفاع غير مسبوق على عائداته، ووفق الدراسات الدولية فإن وجود النساء في سوق العمل يرفع الناتج المحلي الإجمالي، ووفقاً لدراسات دولية أخرى فإن المساواة بين الجنسين اقتصادياً ستضيف 12 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2025 من خلال تعزيز مبادئ مساواة المرأة.
وفي عام 2016 نشر معهد ماكينزي العالمي تقريراً يفيد بأنه من الممكن أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 47 % خلال العقد المقبل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حال تساوت أعداد النساء مع أعداد الرجال في سوق العمل.
إن المساواة بين الجنسين لا تشكل حقا أساسياً من حقوق الإنسان فحسب، لكن أيضا تمثل أساسا من الأسس الضرورية اللازمة لإحلال السلام والرخاء والاستدامة في العالم، كما أن توفير التكافؤ أمام النساء والفتيات في الحصول على التعليم، والرعاية الصحية، والعمل اللائق، والتمثيل في العمليات السياسية والاقتصادية واتخاذ القرارات سيكون بمثابة وقود للاقتصادات المستدامة وسيفيد المجتمعات والإنسانية جمعاء.
ولعل من أذكى طرق إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق التنمية في بلدان العالم اعتبار النساء شريكاً كاملاً في التنمية وتعزيز المساواة بين المرأة والرجل في سوق العمل والنطاق الاقتصادي، إذ تُعد مشاركة المرأة في عملية البناء الاقتصادي أحد أهم أسباب ازدهار بتلات التنمية الاقتصادية.
وتسعى أهداف التنمية المستدامة إلى وضع حد للتمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان، ولابد إن أردنا تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة في تحقيق المساواة بين الجنسين، أن تكون هناك حقوق مكفولة ومتساوية في مختلف الجوانب الاقتصادية، كما يمكن تحقيق المزيد من المساواة بين الجنسين على الصعيد الاقتصادي والسياسي بتعزيز السياسات والتشريعات التي تشجع على تقلد النساء المناصب السياسية. ولا شك أيضا أن تكنولوجيا الاتصالات تلعب دوراً مهماً في إتاحة فرص جديدة لتمكين المرأة اقتصادياً، إذ نشاهد اليوم العديد من المشاريع الناجحة التي تُدار من قبل النساء من خلال عالم التكنولوجيا.