+A
A-

الوساطة الأفريقية.. "كلمة السر" في اتفاق السودان

عاصفة من التصفيق والترحاب ضجت بها قاعة الصداقة بالخرطوم لحظة ترحيب منصة حفل توقيع وثائق الفترة الانتقالية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، السبت الماضي، برئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد علي.

لم يكن الترحيب الحار من قبل الحاضرين لحفل التوقيع، إلا عرفانا بالدور الأكبر، الذي بذله آبي أحمد علي في التوسط بين الفرقاء السودانيين.

ففي السابع من يوليو الماضي، هبطت طائرة الوسيط الإثيوبي في مطار الخرطوم، وجعل من عودة طرفي الصراع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، أمرا ممكنا.

ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي، أشرف أدهم، إن "كاريزما آبي أحمد علي وملامحه المريحة وصغر سنة رغم افتقادة للخبرة السياسية الكبيرة، أمور جعلته وسيطا ناجحا".

وهذا الرأي يشاطره الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، محمد خليفة، الذي يرى أن "تجربة آبي أحمد السياسية ونجاحاته في إثيوبيا جعلت منه ملهما للشباب إضافة لقربه النفسي من قوى الحرية والتغيير"، وهنا يذكر خليفة "ممازحة آبي أحمد لأحد قادة تجمع المهنيين السودانيين، محمد ناجي الأصم".

فوقائع الحاضر لا تنفصل عن دهاليز الماضي، فقد عبر الكثير من الأفارقة من الخرطوم مرورا أو إقامة فيها، ويؤكد ذلك حديث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، عن إقامته لسنوات بحي "الفتيحاب" وهو أحد أحياء أم درمان الشعبية القديمة.

ونجح فكي في اختيار وساطة هي الأقرب إلى الوجدان السياسي، فيما فشلت وساطة أفريقية سابقة في التقريب بين نظام البشير وجيش تحرير السودان في تسعينيات القرن الماضي، لغياب ذات الأسباب، بحسب حديث خليفة.

ويرى محمد خليفة أن اختيار الاتحاد الأفريقي لشخصيات مثل محمد حسن ولد لبات ومحمود درير كان موفقا وأسهم في إنجاح مساعي المفاوضات حتى كللت بالتوقيع وذلك للفضاء الثقافي والديني واللسان المشترك.

وما بين النيل الأزرق المنحدر من هضبة إثيوبيا وطريق الحج القديم، الذي جعل من السودان محطة لغرب أفريقيا، تتشابك العلاقات فكثير العادات تجمع بين أهل موريتانيا أهل السودان، علت الدموع تطفر من عيني الوسيط الأفريقي ذات مؤتمر صحفي حينما تشابكت حلول التوصل لحل سياسي أعقبها مبعوث الرئيس الأثيوبي بدموع وحديث مؤثر ليلة التوقيع بالأحرف الأولى بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير في السابع عشر من شهر يوليو الماضي.

ويرى شرف أدهم أن سلمية الثورة السودانية، التي أذهلت العالم جعلت الكثيرين يتعاطفون معها وكأنهم أحد أفرادها، كما أن العالم خبر صدق الشبان السودانيين وصمودهم في وجه آليات القتل، إضافة إلى مساوئ نظام البشير الذي جعل من السودان دولة ضعيفة بعد أن كانت قائدة.