العدد 3987
السبت 14 سبتمبر 2019
banner
لا حسين إلا الحسين
السبت 14 سبتمبر 2019

منذ الانتداب الفرنسي على لبنان عام 1920م وإعلان الدولة، كانت المجالس التمثيلية موزعة على الطوائف، ثم عند الاتفاق على الميثاق الوطني إبان الاستقلال عام 1943م تم توزيع الرئاسات الثلاث على ذلك الأساس، وإن كان ذلك بشكل عرفي، ورغم أن المادة 95 من الدستور كانت تنص على أن الطائفية مؤقتة إلا أنها استمرت وتجددت سواء مع أحداث 1956م أو الحرب الأهلية 1975م. ورغم ارتفاع نسبة الحرية الاجتماعية والفكرية وحرية التعبير ووجود أشكال الديمقراطية، إلا أن ذلك التوزيع ظل آفة.

المنطقة بأكملها تعاني، وكذلك أجزاء كثيرة من العالم تظهر عليها اليوم أزمة الهوية، وأبرز الكتّاب العرب الذين كتبوا عن إشكالات الهوية وتعارضاتها كانوا لبنانيين أيضاً، نظراً للحالة المبكرة واستشعارهم الخطر، مثل مهدي عامل، وحسين مروة، وأمين معلوف. وكما أن المشهد في لبنان متجدد فهو كذلك متبدل، فبعد التناحر المسلم المسيحي يتصدر اليوم التدافع السني الشيعي كجزء مما يدور في كامل الإقليم، وتنقسم عليهما في لبنان باقي الطوائف كالمسيحيين والدروز وغيرهم.

في ليلة عاشوراء أكد أمين حزب الله موقف حزبه في حال دخلت إيران حرباً وقال: “هذا مخيمنا وهذا إمامنا وهذا قائدنا وهذا حسيننا، في هذه المعركة لا مكان للحياد إما أن تكون مع الحسين أو تكون مع يزيد”. ووصف المرشد الإيراني كالعادة بالإمام والولي والسيد القائد، لكن الجديد هذه المرة هو وصفه بحسين هذا الزمان!

صحيح أن الحزب ومعاشاته وكل ما يملك يصرف له من إيران – باعترافه - وهو بالتالي مرتبط وجودياً وعضوياً بإيران، وصحيح أنه حزب عقدي مذهبي وليس مستغرباً اعتباره قائده وسيده في إيران أنه الحسين، وكل من لا يقف معه فهو مع يزيد، لكن الصحيح أيضاً على الصعيد السياسي أن النظام الإيراني يشعر بالاختناق المتزايد وكذلك جميع أذرعه، وأن حزب الله يشكل منصة متقدمة للمشروع الإيراني من الناحية العسكرية القتالية، وكذلك التدريبية حيث تدرب على يديه العديد من أفراد التنظيمات العربية من اليمن والخليج والعراق وسوريا، كذلك يعتبر الحزب المنصة الإعلامية العربية الرئيسة للنظام الإيراني ومواليه، والضاحية تحتضن عدداً من الاستوديوهات التي تُصوّر فيها برامج قنوات مثل العالم والمنار والميادين والمسيرة الحوثية ونبأ، واللؤلؤة وغيرها.

تجيير ذكرى عاشوراء وعشق أهل البيت في الوجدان الشيعي لصالح المشروع الإيراني هو منهجية ناجحة للنظام الإيراني منذ استيلائه على الثورة، وهي منهجية مشابهة لجميع تنظيمات وخطابات الإسلام السياسي، ودفع الجمهور وتخييرهم بين الحسين ويزيد أو بين الحق الإلهي والباطل، يذكرنا بتقسيم بن لادن للعالم إلى فسطاطي الإيمان والكفر. هناك الكثير من الطائفيين المتعصبين الذين تستقطبهم مثل هذه الثنائيات، وهناك أكثر منهم من الدراويش الذين يعتبرون النظام الإيراني ممثلاً حصرياً للإسلام، لكن الحقيقة أنه تسييس صارخ للمذهب، وأن الناس أحرار في خياراتهم ومواقفهم السياسية، فلا توجد اليوم دولة دينية وكيلة لله على الأرض مهما كان دينها ومذهبها ومتبنياتها وشعاراتها، والحقيقة أيضاً أنه لا يوجد حسين أو من هو في مقامه ومنزلته إلا الحسين عليه السلام.

“تجيير ذكرى عاشوراء لصالح المشروع الإيراني منهجية ناجحة للنظام الإيراني، وهي منهجية مشابهة لجميع تنظيمات وخطابات الإسلام السياسي”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية