العدد 3998
الأربعاء 25 سبتمبر 2019
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
أنا بإجازة... وأكتب
الأربعاء 25 سبتمبر 2019

نصحني صديق وأنا أسره بأنني في إجازة لأيام، وسألني إن كنت سأتابع الكتابة ولن أنقطع عنها كعادتي كل عام، فأجبته بنعم، حينها نصحني بالتوقف والاستمتاع والاسترخاء، وسألني لماذا لا تتوقف وتستريح، فالكل يفعل ذلك، وهذا حقك بأن تريح فكرك وأصابعك؟ حتى تعود بنشاط وحيوية. قد يكون محقاً ولكن شعوري مختلف تماماً ويصطدم بهذه النصيحة، فالكتابة والتأليف بالنسبة إليّ ومنذ فطرت عليها، سواء كتابة المقالات أو الروايات، هي بمثابة تنفس الهواء، هل تستطيع تخيل الأسماك أن تحيا على اليابسة؟ هكذا الكتابة والتأليف، فمنذ عرفت أصابعي القلم ثم لوحة مفاتيح الكيبورد وأنا متناغم مع الحروف والكلمات، وبهذا أعيش وأتنفس كل يوم، بل كل ساعة بالقراءة والكتابة، لا أحتمل التوقف، ولا أطيق الابتعاد عن الحروف التي تمثل لي فرقة رقص تحلق في الفضاء لتستدرجك إلى إخراج ما في رأسك من أفكار، فالمقال يمثل صلتك بالقراء وصلاتهم بك، ويكفي أن يشيد قارئ واحد بك أو أن تقنعه كلماتك لتشعر بسعادة غامرة، وأحياناً لا تفكر بردة فعل المقال ولا تداعياته، بقدر ما تشعر أنك أزحت هماً من رأسك بشأن قضية عامة تهم مجتمعك.

أما بشأن الرواية، حيث اعتدت إصدار واحدة سنوياً، فهي حالة خاصة ومعقدة تتعلق بما أشعر به من شغف لكشف المسكوت عنه في واقع نعيشه ولا يمكن التعبير عنه بمقال أو عمود بجريدة، فالمقال حالة آنية تتعلق برؤيتك ككاتب نحو قضية ما أو مسألة عامة سياسية أو اجتماعية أو ثقافية، أما الرواية فهي سفر طويل بنسيج الخيال والواقع أو كليهما معاً وهذا يتيح لك العزلة وأنت تستدرج الحوادث وتصنع الوقائع وتعيد تركيبها لأجل بلوغ الرؤية التي تراها وليس شرطاً أن تتوافق مع مجتمعك بقدر ما تكشف المسكوت عنه، هذا بالنسبة للرواية التي لم أنقطع عنها منذ بدأت الكتابة فيها. لهذا كله يصعب عَليّ التوقف عن الكتابة، خصوصا عندما أكون بإجازة وتحديداً بالسفر، ففي الخارج وأنت أمام مشاهدات مختلفة ترغب بمشاركة القراء مشاهداتك، بالإضافة إلى أن الاسترخاء يحفزك على ترتيب أفكارك، شخصياً أجد متعة ومسؤولية بعدم التوقف عن الكتابة، وقد تعلمت ذلك من شخصية محببة لدي تعلمت منها الكثير، وأهم ما في ذلك هو عدم التوقف عن العمل الذي تقوم به مهما كانت الظروف والأحداث والمواقف، فالتوقف عن العمل مثل التقاعد الذي أكرهه وأنبذ مفردته لأنه يشعرني بأن المرء تقاعد عن الحياة واختار الكسل، حتى لو تقاعدت تحت أي ظرف لا يجعلك ذلك تتوقف، فبمجرد أن تتوقف، تنتهي الحياة وتجمد في مكانك، ونصيحتي للصديق، احذر التوقف عن عملك حتى لو كنت بإجازة.

 

تنويرة:

أغلبنا يقتبس الأخطاء لأنها الأسهل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية