العدد 4005
الأربعاء 02 أكتوبر 2019
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
قد تكون خياطا!
الأربعاء 02 أكتوبر 2019

هو ذلك الشخص الذي يخيط لنا الأثواب والفساتين، يزيد فيها أو ينقص؛ وفق قياسات يُفترض أن تكون دقيقة، بالمتر أو بالسنتيمتر، وعلى (موديل) معين، نقضي فترة زمنية لاختياره، والتأكد من مناسبته لنا، ومن مواكبته الموضة السائدة – غالبًا – وقد يقلب بعضنا الدنيا رأسًا على عقب؛ إذا وقع خطأ في القياس، أو الإخراج والشكل النهائي، ويطالبه بتعويض! وقد نهري هذا الشخص هريًا؛ أي نتعبه ونشق عليه، فقط؛ للتأكد الذي لا يقبل الشك أنه متوافق مع “كيف كيفنا”!

ذلكم كما تعرفونه جيدًا؛ الخياط؛ صاحب الخيط والإبرة، الذي يتحرك حسب أمزجتنا، كما نريد ونرغب؛ لنحصل على النتيجة المطلوبة سلفًا، فلا مجال لمفاجآت ما، حيث تحكم الموضوع قاعدة: كن؛ فيكون! أليس كذلك؟! كلنا نعرف هذا ولا غرابة! غير أن المجتمعات مليئة بخياطين لا حصر لهم، وبكثير من الشخصيات التي تُحكِم الخناق على هؤلاء الخياطين؛ فلا يشطون، أو يبعُدون عن الطلب! تعالوا – معًا – نستعرض بعضًا منهم، على سبيل المثال لا الحصر؛ فلا قدرة لنا على استيعابهم جميعًا في مقال قصير!

لنبدأ بالوظائف والمهام في البيت والعمل: فأنت أيتها الزوجة خياطة؛ إذا سمحتِ بتغييب شخصيتك؛ لتتكيّف مع مزاج الزوج، والعكس! أنت أيها الابن خياط؛ إذا سمحت لوالديك باختيار مسار ما؛ لا تقنع به أو تريده! أنت أيتها المعلمة خياطة؛ إذا جَمّدكِ منهج دراسي، لا تشطين عنه حرفًا! أنت أيها الطبيب خياط؛ إذا أملى عليك مريضك وصفته الطبية وأدويته؛ فصرفتها له؛ كما لو كان يشتري من (برادة)! أنت أيها المحامي خياط؛ إذا داهنت وراوغت؛ لتكسب قضايا مُوكليك وجيوبهم! أنت أيها المستشار خياط؛ إذا غلّبت هوى مسؤولك على النصح والرأي الحكيم!

فكم من خياط وخياط لدينا؟! غير أن (الخياطة) لا يتحمل تبعاتها وآثارها الخياط وحده؛ فالمُخيَّط له (صاحب الأوردر) ضالع في الموضوع! فقد يكون طلبه زائدًا عن الحد، أو المقاس! قد يكون غير شرعي، أو قانوني، أو أخلاقي، أو ربما غير إنساني! قد لا يتناسب مع المعطيات الموجودة، والإمكانيات الحاضرة، ورغم ذلك؛ قد يصر عليه ويبالغ في الإلحاح والطلب! إن أية استجابة لهؤلاء؛ تجعلنا خياطين بامتياز شديد! وما أندر الخياطين الذين يرفضون الطلب؛ إذا تقدمت مصالحهم، أو شمّر المال عن سواعده!

الغالبية منا (خيّطت)؛ ولا تزال (تخيط)، وهكذا انتعشت (الخياطة) وحلّت الماكينات مكان الإبرة البسيطة، التي ضاعت وسط زحمة الطلب، ووسط فوضى (الخياطة الخلاقة) في أكثر من موقع ومكان!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .