+A
A-

حكم نادر لمُزارِعَين ضد صاحب شركة عقارية معروفة ومستأجر من الباطن

قال المحامي السيد مجتبى أحمد إن محكمة الاستئناف الكبرى المدنية قضت بتأييد قرار نادر للجنة المنازعات الايجارية، والذي قضي فيه بقبول اعتراض خارج عن الخصومة وتغيير القرار المطعون عليه للتضرر من حكم تمكين مستأجر من الباطن بالانتفاع بقطعة أرض تبلغ مساحتها أكثر من 3500 متر مربع، بعد ثبوت عدم أحقيته بذلك الطلب، خصوصا وأن المستأجر الأول وهو صاحب شركة عقارية مشهورة قد خالف العقد المبرم بينه وبين مالك الأرض باستئجاره لقسم من الأرض وأجر كامل الأرض على المستأجر من الباطن.

وأوضح أحمد أن مالك أرض، في السبعينات من عمره، كان قد أجر القسم الشمالي من الأرض -مزرعة- التي يمتلكها إلى صاحب شركة عقارية معروفة منذ تاريخ 1 يناير 2018، لمدة 22 سنة بمساحة وقدرها 3500 متر مربع بأجرة شهرية وقدرها 3600 دينار، وقد قام الأخير ببناء فيلا على القسم الشمالي المستأجر، وأن مالك الأرض المشار إليها قد رفض مرارا وتكرارا تأجير باقي مساحة الأرض على صاحب شركة العقارات كون أن المساحة المتبقية يستغلها في الزراعة كما أنها مؤجرة على وكيليه المعترضين.

ولكن مالك الأرض والمعترضين تفاجئوا بتنفيذ حكم قضائي بالقوة الجبرية بتمكين دخول شخص غريب إلى مساحة الأرض المتبقية، فاتضح بأن صاحب شركة العقارات قد أجر كامل الأرض على مستأجر من الباطن، بالمخالفة لعقد الإيجار المبرم بين مالك الأرض وصاحب الشركة.

وأشار إلى أن المستأجر من الباطن أقام بداية دعوى ضد مالك الأرض وصاحب شركة العقارات لتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة في دعوى إيجارية طالبا فيها تسليمه وتمكينه من الأرض كاملة مع ضمان عدم التعرض له من مالك الأرض أو الغير، على أن يكون الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل، وهو ما قبلت به فعلا حينها لجنة فض المنازعات الإيجارية في شهر يونيو 2018، وقضت لصالح المستأجر من الباطن بالطلبات سالفة البيان، خصوصا وأنه أثبت دفعه لمقدم إيجار لمدة 3 أشهر، وأصبح الحكم نهائيا غير قابل للطعن عليه بالاستئناف لفوات الميعاد القانوني.

لكن المعترضين واللذان لم يتم اختصامهما في الدعوى كون أنهما مستأجرين للمساحة المتبقية من تلك الأرض، طعنا على الحكم بصيغة اعتراض خارج عن الخصومة كأحد الأساليب النادرة للطعن على الأحكام النهائية، لمخالفة الحكم المذكور لعقد الإيجار المبرم بينهما مع مالك الأرض، وقالا إنه تبين من حكم التمكين من الدخول بأن مالك الأرض لم يقم بتأجير هذه المساحة المتبقية من العقار -المطلوب منهما إخلاؤها وتمكين المستأجر من الباطن من الانتفاع بها- على صاحب شركة العقارات بل أجره الجزء الشمالي فقط من العقار، حيث أنهما ينتفعان بجزء من ذلك العقار في المساحة المتبقية، وأكدا على أن قرار لجنة المنازعات الإيجارية أضر بهما ولم يتم اختصامهما فيه.

وطلب المعترضان الحكم قبل الفصل في الموضوع بوقف تنفيذ قرار لجنة المنازعات الإيجارية، وبإلغائه والقضاء مجددا بعدم اختصاصها الأخيرة بالقضية، فضلا عن إلغاء ذلك القرار لكيدية الدعوى كونها مخالفة للقانون والواقع، مع الأمر بتمكين المستأجر من الباطن للمساحة الواردة في عقد الإيجار بين مالك الأرض وصاحب شركة العقارات دون غيرها، كون أنهما يستأجران جزء من المساحة المتبقية في الجزء الجنوبي لتلك الأرض من مالك العقار محل الدعوى بغرض الزراعة.

وهو ما انتهت فيه اللجنة بتغيير القرار والقضاء مجددا، أولا: بقبول الاعتراض الخارج عن الخصومة شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المعترض عليه والقضاء مجددا بتمكين المستأجر من الباطن من صاحب شركة العقارات بدخول القسم المؤجر لصالح الأخير فقط دون باقي الأقسام، والذي تبلغ مساحته 3500 متر مربع تقريبا، وألزمت صاحب شركة العقارات بمصروفات ورسوم القضية.

لكن المستأجر من الباطن، والذي أبرم العقد مع صاحب شركة العقارات لم يقبل بهذا القرار، وطعن عليه بالاستئناف ضد كل من صاحب شركة العقارات والمعترضان وكذلك مالك الأرض، وطلب فيه إحالة الطعن للتحقيق ليثبت الطاعن أن ملحق العقد المعول عليه في القرار الطعين صوريا صورية مطلقة وكذلك عقدي الإيجار سندي المطعون ضدهما (المعترضان) وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون ضده والقضاء مجددا بعدم قبول الاعتراضين المرفوعين من المطعون ضدهما الثالث والرابع شكلا وموضوعا أو بعدم جواز نظرهما أو بعدم اختصاص اللجنة بنظرهما أو مع إلزام المطعون ضدهم المالك والمعترضان بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة؛ وذلك لأسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.

إلا أن محكمة الاستئناف الكبرى المدنية الأولى قضت برفض هذا الطعن وأيدت القرار المطعون فيه وألزمت الطاعن بالمصروفات ومبلغ 20 دينارا مقابل أتعاب المحاماة، أي أنه من حق المعترضان الانتفاع بالأقسام المؤجرة إليهما وعدم أحقية المستأجر من الباطن -الطاعن- بتمكينه من الأرض بالكامل.